أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي الترجمة العربية لكتاب «أشعار عربية على جدران قصر الحمراء ونوافيره»، لمؤلفه المستعرب الإسباني إيميليو غارثيا غوميث، وقد نقله إلى العربية خالد الريسوني، وراجع الترجمة كاظم جهاد وأحمد يماني. ويُعدّ الكتاب مدخلاً جيّداً إلى فهم تاريخ النقوش الشعرية العربية التي اضطلع المستعرب الإسباني إيميليو غارثيا غوميث بنفض الغبار عنها وإضاءة ما التبس بصددها. وقد جعل غارثيا غوميث من هذه النقوش مشروعه البحثيّ منذ أن نزل ضيفاً على غرناطة في رحلته العلمية والمعرفية، حيث كتب غوميث: «يمثل شعر النقوش في قصر الحمراء انفجاراً للجمال معقّداً ومميّزاً وإلى حدّ ما فريداً، فقد شكل على مدى عدة قرون تحدّياً فكرياً، ويجب أن أعترف بأن مثل هذا النوع من التحديات قد حرّك دائماً ذكائي المتواضع وأحمى فورة دمي». وفي القسم النظري من الكتاب، المعنون «مدخل»، يكشف إيميليو غارثيا غوميث للقارئ القيمة الأثرية لقصر الحمراء كمَعلم معماريّ كان يمكن أن يصنف ضمن عجائب الدنيا السبع لولا انغلاق إمكان إضافة عجائب جديدة إلى تلك التي صنّفها التاريخ وأقرّها. ورغم هشاشة قصر الحمراء فقد استطاع أن يقاوم آثار الزمن وأن يستمرّ شاهداً على حقبة تاريخية بكاملها رغم الصراع المفتوح الذي عاش تحت تأثيراته إبان ما يسمى بـ«حروب الاسترداد». لقد استطاع قصر الحمراء أن يستمرّ حيّاً بعد أن غادره ملوك الدولة النصرية، فاستقرّ به من استقر من السلالات ولكنّه رغم ذلك حافظ على ذاته كأثر عمرانيّ مميّز. وعلى العموم فإنّ هذا القسم النظريّ من الكتاب يهتمّ بالشعر باعتباره يمثّل جزءاً من هذا الصرح الأثريّ العظيم من خلال النقوش الموجودة على جدران قصر الحمراء ونوافيره، في فرادتها كظاهرة فنية وجمالية، كما يؤطرها تاريخياً وأدبياً ودينياً وفنّياً. ثمّ يتطرّق إلى الشعراء الذين اشتمل قصر الحمراء على نقوش قصائدهم، وهم الشعراء الوزراء الثلاثة: ابن الجياب وابن الخطيب وابن زمرك. ثمّ يلج غارثيا غوميث مباشرة إلى مجموع القصائد المنقوشة فيشير إلى موقع وجودها في أجزاء القصر ومواضيعها والقيمة الشعرية لمحتوياتها، والكلمات المفاتيح التي تمكّن من فهم هذه النصوص، مفصلاً القول في بعض الاستعارات المهيمنة في هذه القصائد المنقوشة. ولا يغفل المؤلف المناقشة النقدية لعدد من الدارسين والمترجمين السابقين الذين تعرضوا بالبحث والترجمة لهذه النقوش الشعرية، قبل أن يقدّم توطئة لترجمته لنصوص الأشعار العربية المنقوشة في قصر الحمراء. أمّا القسم الثاني من الكتاب فقد خصّصه إيميليو غارثيا غوميث للترجمة التي أنجزها لهذه النصوص المنقوشة، مع تعليقاته عليها وتقديمه التوضيحات اللازمة بصددها. ولد مؤّلّف الكتاب، إيميليو غارثيا غوميث، في 4 يونيو 1905 وتوفيّ في 31 مايو 1995، بمدريد. واعتُبر شيخ المستعربين الإسبان، واضطلع كباحث بمهمّة تعريف الإسبان بالتراث الأدبي العربي في الأندلس وتدريسه في الجامعة الإسبانية، كما تولى ترجمة نصوص عديدة منه إلى الإسبانية. أمّا المترجم خالد الريسوني، المولود في الدار البيضاء في 1965، فهو شاعر ومترجم وباحث مغربي، ترجم العديد من النصوص والدواوين الشعرية لعدد من شعراء اللغة الإسبانية وكُتّابها.
مشاركة :