تنطلق غدا (الأحد) في الجزائر عملية التصويت على مشروع الدستور الجديد الذي يندرج ضمن الإصلاحات السياسية التي وعد بها رئيس البلاد عبد المجيد تبون. ويحق لـ 24 مليون ناخب جزائري من أصل 44 مليون نسمة التصويت في هذا الإقتراع الذي يستمر يوما واحدا، وهو يتزامن مع احتفالات الأول من نوفمبر، تاريخ اندلاع ثورة التحرير الجزائرية من الإحتلال الفرنسي (1نوفمبر 1954). وتنظم العملية في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ارتفاعا محسوسا لعدد الإصابات بمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد19) ولذلك وضعت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بروتوكولا صحيا خاصا لتنظيم سير عملية الاستفتاء، صادق عليه المجلس العلمي لرصد ومتابعة المرض التابع لوزارة الصحة، من بينها احترام مسافة التباعد ووضع الأقنعة. كما تنظم في الوقت الذي يوجد فيه الرئيس تبون في ألمانيا منذ (الأربعاء) الماضي لإجراء فحوصات طبية معمقة، غداة دخوله المستشفى العسكري بالعاصمة الجزائر بسبب ظهور أعراض الإصابة بمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) على عدد من كبار المسئولين في الرئاسة والحكومة. وطمأنت الرئاسة في آخر بيان بأن الرئيس تبون يوجد في وضعية صحية مستقرة ولا تدعو للقلق، وأشارت إلى أن فريقه الطبي متفائل بنتائج الفحوصات. ووفق نظام الانتخابات يبدأ الاقتراع الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (السابعة بتوقيت غرينتش) ويختتم في نفس اليوم الساعة السابعة مساء حيث يستمر الاقتراع يوما واحدا، غير أن العملية انطلقت يوم (الخميس) الماضي بالنسبة للمكاتب المتنقلة في المناطق النائية بالخصوص في الصحراء لـ 72 ساعة، حيث يسمح القانون بذلك. وأعلن الجيش مشاركته في تأمين عملية الاقتراع عبر مشاركة قوات الدرك التابعة له إلى جانب عناصر الشرطة. واختتمت حملة الترويج للاستفتاء التي استمرت أسبوعين، ثلاثة أيام قبل يوم الاقتراع، وتولى تنشيط الحملة وزراء الحكومة والأحزاب والجمعيات والمنظمات الداعمة للدستور الجديد، بينما دعت أحزاب المعارضة إلى المقاطعة أو التصويت بلا. وأكد الرئيس تبون في خطاب ألقاه في 10 أكتوبر بمقر وزارة الدفاع الجزائرية أن الدستور الجديد يتيح بناء "جزائر جديدة" تعتمد على "إصلاح شامل" لمؤسساتها. وقال إن استفتاء الفاتح من شهر نوفمبر هو "عودة للشعب ليعبر بصوته وبكل حرية وسيادة عن قناعته تجاه التعديلات الدستورية المطروحة والتي نتمنى أن تنال تزكية الشعب الجزائري، لنضع معا أسس جزائر جديدة عمادها السيادة الوطنية والتجسيد الحقيقي للعدالة الاجتماعية تطبيقا لمبادئ بيان أول نوفمبر ووصية الشهداء". وكان مجلس الوزراء صادق على التعديلات الجديدة في 6 سبتمبر الماضي من بين 5018 اقتراحا تلقته لجنة تعديل الدستور التي عينها الرئيس تبون من مختلف شرائح المجتمع والشخصيات الوطنية والقوى السياسية. واعتبر المتحدث الرسمي باسم الحكومة وزير الإتصال عمار بلحيمر أن مشروع تعديل الدستور يعد "وثيقة مصيرية في مسار التأسيس لجزائر جديدة". وقال في تصريح للصحفيين إن الدستور المقترح "أحدث تغييرات جذرية ويهدف إلى صيانة السيادة الوطنية ومقومات الأمة ووحدة المجتمع وتكريس وتطوير الحقوق والحريات الفردية والجماعية وإيجاد توازن مرن بين السلطات". ودعا الجزائريين إلى المشاركة بقوة في الاستفتاء، معربا عن تفاؤله بوعي الجزائريين بضرورة المشاركة من أجل "وضع لبنة جديدة في مسار البناء الوطني الشامل وتفويت الفرصة على أعداء الجزائر". وطرحت الرئاسة الجزائرية في مايو الماضي على الطبقة السياسية مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور كأرضية للنقاش من أجل التوصل إلى "دستور توافقي". ووفق بيان سابق للرئاسة فإن مسودة الدستور ترتكز على ستة محاور تتعلق بالحقوق الأساسية والحريات العامة، وتعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها، السلطة القضائية، المحكمة الدستورية، والشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. ومن بين أهم المقترحات التي طرحتها مسودة تعديل الدستور، تحديد الفترة الرئاسية بعهدتين رئاسيتين فقط واعتماد نظام شبه رئاسي يبقي على الشكل الحالي للحكم لضمان وحدة السلطة التنفيذية وتجانسها، وتقييد سلطات رئيس الجمهورية من خلال اعتماد نظام رئيس الحكومة مع برنامجه الخاص في حال فازت المعارضة ونظام الوزير الأول في حال تشكلت أغلبية رئاسة في البرلمان، وإلغاء سلطة رئيس الجمهورية بالتشريع بالأوامر إلا في حالات، وإعادة توزيع سلطة التعيين بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وإلغاء الثلث الرئاسي من تشكيلة مجلس الأمة (الغرفة العليا في البرلمان). واستبعدت لجنة تعديل الدستور فرضية النظام البرلماني، واقترحت اللجنة تحديد العهدة البرلمانية بعهدتين فقط. كما اقترحت إدراج مادة في الدستور تنص على مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة، ومادة أخرى تنص على إمكانية مشاركة الجيش في استعادة السلم في المنطقة في إطار الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد عين في يناير الماضي لجنة مختصة بإعداد مسودة الدستور الجديد برئاسة الخبير الأممي أحمد لعرابة.
مشاركة :