أذكر أني ذات كتابة في هذه الصحيفة كتبت موضوعا بعنوان «ليتني لوحة على جيمس الحبيب» ولا أشك أن هذا الموضوع -من خلال هذا العنوان- قد حظي بعدد لا بأس به من القراء، على الرغم من أنه كان عنوانا خادعا يتعلق بإحدى اللوحات المرورية المميزة، التي وصل سعرها إلى ستة ملايين ريالا، ويتطرق إلى ما تباع أو تشترى به ناقة، بما يساوي قيمة عشرين إنسانا تزهق أرواحهم تحت عجلات السيارات.موضوعي اليوم إفراز لما يكتبه الإخوة والأبناء من الموضوعات الجادة التي لا تخلو محتوياتها من هموم الحياة -سواء كانت شخصية أو عامة- فيما نشاهده من مآسي عالمنا المعاصر الملطخة بالدماء، والمدوية بالتفجيرات، والخروج عن القوانين، والأعراف الدولية وسيطرة القوى العظمى على الأمم المغلوب على أمرها، إضافة إلى ما أحدثه وباء كورونا، من خوف وهلع، غطى جميع أنحاء المعمورة وغيَّر نظم حياة الإنسان فيها.أظنني رغم حرصي على أن تكون كتابتي تسلك مسارا يخالف المألوف، إلا أن السياق أوقعني فيما ليس منه بد، ومع هذا سأحاول الخروج من إطار ما كتبته، وأحاول استرضاء زمني القديم، وأتذكر أيامي الخضراء التي أعادتني إليها قراءتي لبيت شاعر قديم:لو وجدنا إلى الفراق سبيلا *** لأذقنا الفراق طعم الفراقبيت يهز المشاعر ببساطة مفرداته، وعمق شاعريته، وكثافة معانيه المكتنزة بمرارة الحرمان، وقسوة العذابات التي تستعذبها أعماق المحبين، وآهات المحرومين وتحترق بأوار جحيمها أنات المفارقين.بيت مشحون باللوعة، وحرارة الشوق إلى لقاء الحبيب، الأمر الذي يجعل القارئ يحلق في فضاءات تفتنه سحرية أجوائها، وتخرجه من عالم القراءة ومعانقة بياض الأوراق، وتعيده إلى مواعيده مع أيامه المورقة بأزهار الربيع وأناقة رشاقة العمر.
مشاركة :