«كان ينتظر أن يمر عام على تنفيذ الاتفاق وليس توقيعه» هكذا وصف يمنيون مرور عام على توقيع اتفاق الرياض بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في الرياض برعاية سعودية.سادت حينها أجواء إيجابية من جميع الأطراف لتنفيذ الاتفاق الذي اشتمل على 3 ملحقات سياسية وعسكرية واقتصادية، كان من المفترض أن ينتهي تنفيذها بحلول فبراير (شباط) 2020، إلا أن الرياح سارت عكس آمال وتوقعات اليمنيين بعد أن تعثر الاتفاق لأسباب كثيرة.يقول لطفي نعمان، الباحث السياسي اليمني: «كان ينتظر أن يمر عام على تنفيذ الاتفاق وليس توقيع الاتفاق». وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «استمرار الجدل المعتاد حول أي الشقين أبدأ دون العمل المتوازي، والبحث عن ضمانات تنفيذ، وتعويل كامل على الخارج أو تحميله مسؤولية الإخفاق، والتنقيب عن المستفيد وغير المستفيد من هكذا اتفاق».اعترف المسؤولون اليمنيون حينها بأن الجميع ضاق ذرعاً بالصراعات الجانبية، وأن الوطن أحوج ما يكون إلى الأمل الذي يشعره بقرب انتهاء كابوس الانقلاب الحوثي الجاثم على صدره، ويستدعي من جميع الأطراف والمكونات السياسية تغيير سلوكها والكف عن التمحور حول المصالح الذاتية.لكن نعمان يبين أن «مكاسب الاتفاق حتى الآن لا تعدو عن تكليف رئيس الحكومة وتعيين بعض مسؤولين محليين وأمنيين». وتابع: «بعد 9 أشهر من التوقيع (...) تبينت أكثر اللامبالاة بمعاناة الناس، وتبعاً لهذا يهون عليهم إحراج الآخرين وإخراجهم عن طورهم، أكانوا وسطاء أم سفراء أم حلفاء».السعودية بدورها وضعت كل ثقلها السياسي والعسكري والاقتصادي خلف الأشقاء اليمنيين، وأكدت وقوفها إلى جانب الأطراف اليمنية لتنفيذ ما ورد في الاتفاق، ودعمها الكامل لكل متطلبات تطبيع الحياة في المناطق المحررة، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن.وبعد تأخير طفيف، عاد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك برفقة عدد محدود من الوزراء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتحديداً في 19 نوفمبر، وهو ما عد آنذاك أولى خطوات تنفيذ اتفاق الرياض.لكن بعد شهر على توقيع الاتفاق، تبادل الطرفان؛ الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي، الاتهامات بالخروج عن نص اتفاق الرياض وعرقلته، ونوّه رئيس الوزراء اليمني إلى أن تنفيذ اتفاق الرياض يحتاج حكمة وصبراً ومهارة.وفي 14 يناير (كانون الثاني) أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن، بدء تطبيق المرحلة الثانية من «اتفاق الرياض» بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وأنه أشرف على إطلاق 38 محتجزاً من الطرفين عقب الأحداث التي شهدتها عدن في أغسطس (آب) 2019.وكان الاتفاق يؤسس لمرحلة من الشراكة والتعاون في جميع المجالات، السياسية والعسكرية والاقتصادية، ويؤدي في نهاية المطاف إلى توجيه السلاح نحو العدو المشترك للجميع، المتمثل في الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران.وفي 13 مارس (آذار) دعت السعودية طرفي «اتفاق الرياض»، للعمل معها لتنفيذ الاتفاق، مقدمين المصالح العليا بشعور المسؤولية الوطنية، والعمل بعيداً عن المهاترات الإعلامية، التي لا تخدم المصلحة وتزيد الفجوة بين الأشقاء.لم تصمد الدعوة السعودية طويلاً، ففي 24 أبريل (نيسان) حمّلت الحكومة اليمنية المجلس الانتقالي مسؤولية عرقلة عودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، متهمة مجاميع مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي بعرقلة عودتها إلى عدن، في تصرف يفتقر للمسؤولية، على حد تعبيرها.المجلس الانتقالي بدوره، رد على اتهامات الحكومة في 26 أبريل بإعلان ما سمي بـ«الإدارة الذاتية» للجنوب، وهو ما وصفته الحكومة بأنه انقلاب على «اتفاق الرياض» واستمرار للتمرد المسلح.استمرت المناوشات بين الشرعية والانتقالي على المستويين السياسي والعسكري، حتى أثمرت جهوداً سعودية مع الطرفين تكللت في 29 يوليو (تموز) بالإعلان عن آلية تنفيذية لتسريع «اتفاق الرياض» في الشقين السياسي والعسكري؛ وموافقتهما عليها، في محاولة أخرى لتوحيد صفوف اليمنيين لمواجهة المشروع الإيراني وأداته الحوثية.وأصدر الرئيس اليمني في اليوم نفسه قرارين بتعيين محافظ لعدن ومدير لأمنها، ضمن حزمة قرارات، أبرزها تكليف معين عبد الملك تشكيل حكومة خلال 30 يوماً، تزامن ذلك مع إعلان المجلس الانتقالي تراجعه عما أسماه «الإدارة الذاتية».وفي 26 أغسطس، علّق المجلس الانتقالي الجنوبي مشاركته في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، قبل أن يتراجع ويستأنف المشاركة في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي.وبحسب الباحث السياسي اليمني لطفي نعمان، فإن «مستوى تنفيذ اتفاق الرياض سواء أكان (مقبولاً) بنظر المسؤولين أم غير مقبول بنظر غير المسؤولين، فإنه لا يختلف في مجمله عن الرصيد السياسي اليمني السابق أثناء تنفيذ اتفاقياتهم في الماضي».
مشاركة :