تحليل إخباري: القصف المتكرر للقوات الأمريكية إحراج للحكومة العراقية ورسائل للداخل والخارج

  • 5/21/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد 21 مايو 2021 (شينخوا) وضعت عمليات القصف المتكررة التي تقوم بها فصائل عراقية مسلحة لم تعلن عن نفسها ضد القواعد العسكرية العراقية التي تتواجد فيها قوات أمريكية وقوات تابعة للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش) الحكومة العراقية بموقف حرج للغاية أمام حلفائها والمجتمع الدولي بشكل عام، فيما حملت تلك الهجمات في طياتها رسائل داخلية وإقليمية ودولية. والهجمات الصاروخية التي عادت بعد فترة من الهدوء النسبي لتضرب في بغداد وأربيل والأنبار وصلاح الدين، تنطلق من اعتبارات داخلية ترتبط بشكل مباشر بالواقع العراقي المثقل بالكثير من الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية، واعتبارت دولية منها ما يخص دول الإقليم ومنها ما يخص الدول الأخرى خارج الإقليم. وشهدت فترة ما قبل عطلة عيد الفطر، سلسلة هجمات طالت المنطقة الخضراء التي تتواجد بها مقرات الحكومة والبرلمان العراقي وسفارات عدد من الدول ومن بينها السفارة الأمريكية ومطار بغداد الدولي الذي تتواجد فيه قوات أمريكية وأخرى تابعة للتحالف الدولي ومطار أربيل الذي تعرض لهجومين الأول بالصورايخ والثاني بطائرة مسيرة مفخخة وقاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار التي تتواجد فيها قوات أمريكية تعرضت لعدة هجمات بالصواريخ وهجوم بطائرة مسيرة مفخخة، وقاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد التي تتواجد فيها طائرات "اف 16" العراقية ومقر شركة أمريكية مسؤولة عن صيانة هذه الطائرات. وهذه الهجمات وإن كانت لم توقع الكثير من الخسائر البشرية أو المادية، إلا أنها وضعت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في وضع حرج أمام الأمريكيين ودول التحالف الدولي والكثير من دول العالم التي لها سفارات ومصالح في العراق، خصوصا وأن الكاظمي قد تعهد في أكثر من مناسبة بتوفير الحماية لهذه المقرات ومحاسبة المهاجمين. وفي هذا السياق، قال الدكتور ناظم علي عبدالله خبير المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، لوكالة أنباء (شينخوا) إن الفصائل العراقية المسلحة المعروفة بقربها من إيران تريد من خلال عمليات القصف للبعثات الدبلوماسية والقواعد التي تتواجد فيها قوات أمريكية وقوات تابعة للتحالف الدولي، توجيه رسائل داخلية وإقليمية ودولية. وأوضح أنه على المستوى العراقي الداخلي تسعى هذه الفصائل إلى إشعار الأطراف العراقية والحكومة بأنهم الطرف الأقوى على الأرض وأن أي ترتيبات تخص الداخل العراقي لابد أن يكونوا هم في مقدمتها وأنهم رقم صعب لا يستطيع أحد أن يتجاهلهم في أية صفقة تخص الوضع الأمني أو السياسي أو الاقتصادي. وأضاف أن الأمر الآخر الذي تتخوف منه الأطراف العراقية هو إمكانية تأثير السلاح المنفلت الذي بيد المجاميع المسلحة على الانتخابات المقبلة وإمكانية استخدام هذا السلاح والمال الذي تمتلكه هذه المجاميع للتأثير على نتائج الانتخابات، خصوصا وأن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من السيطرة على هذا السلاح فيما لم يتبق على الانتخابات المقرر اجراؤها في أكتوبر المقبل سوى أشهر معدودة، لذلك قامت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين بلاسخارت بزيارة إلى طهران لبحث هذه المسائلة التي تقلق الجميع بما فيها المجتمع الدولي والضغط عليها لغرض إبعادهم عن التدخل بملف الانتخابات. وأشار عبدالله إلى أنه على المستوى الإقليمي، فأن الفصائل المسلحة تريد التأكيد على أن أي تقارب عربي وخصوصا مع السعودية ودول الخليج العربي مع العراق يجب أن لا يضر بمصالح هذه الفصائل وبمصالح إيران ودورها في العراق. واعتبر أن المفاوضات حول الملف النووي الإيراني حاضرة هي الأخرى في رسائل الكاتيوشا التي تطلقها الفصائل المسلحة على المواقع الأمريكية، وأنها لا تعدوا أن تكون محاولة لدعم الموقف الإيراني في المفاوضات، خصوصا وأن أي صفقات سرية لتسوية هذا الملف يمكن أن تتضمن معالجة وضع هذه المجاميع. وأن محاولات إثبات الوجود واستعراض القوة والتأثير على مجريات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية والسعي لإحراج حكومة الكاظمي في هذا الملف تدور هي الأخرى في فلك الهجمات على القواعد العسكرية والمنشآت الأمريكية وقوات التحالف في العراق. ورأى المحلل السياسي الدكتور عبد العزيز الجبوري، أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية في بغداد، أن هجمات الفصائل الشيعية المسلحة على المواقع العسكرية الأمريكية في البلاد، أحرجت حكومة الكاظمي والمفاوض العراقي على طاولة المباحثات مع الجانب الأمريكي، إذ أن الكاظمي تعهد مرارا بتوفير الحماية اللازمة للقوات الأمريكية والتحالف الدولي والبعثات الدبلوماسية الأجنبية في بلاده. وبين الجبوري، أن الهجمات الأخيرة تحمل رسالة واضحة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بضرورة العمل الجاد على إخراج قواتها من العراق، خصوصا وأن الفصائل المسلحة تتخذ من قرار البرلمان العراقي الذي أصدره العام الماضي باخراج القوات الأمريكية من البلاد غطاء لتبرير هجماتها التي تحمل بدون أدنى شك البصمة الإيرانية وتضع مصلحة إيران على رأس أولوياتها دون أي سبب آخر، كما أنها تحمل رسالة من طهران إلى واشنطن مفادها ضرورة تخفيف الضغط والعقوبات المفروضة على إيران بالتزامن مع المفاوضات الجارية حول العودة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني. وأكد أن هجمات الفصائل المسلحة على القواعد العسكرية العراقية التي تتواجد فيها قوات أمريكية أو على السفارة الأمريكية أو مطار بغداد الدولي وغيرها من المواقع تحمل في طياتها حالة من التحدي لتأكيدات الحكومة العراقية بأنها قادرة على ضبط الأوضاع وكبح جماح هذه المجاميع وملاحقتها قانونيا، كما أنها محاولة لإثبات الوجود وإظهار القدرة على شن الهجمات في المكان والزمان الذي تحدده وإن إجراءات حكومة الكاظمي لم تقيد تحركاتهم. ولفت الجبوري إلى أن جزء كبيرا من رسائل الصواريخ موجه إلى الداخل العراقي فيما يتعلق بموضوع الانتخابات في العاشر من أكتوبر المقبل، حيث أن أغلب هذه الفصائل مرتبطة بأحزاب وتكتلات سياسية وهي على استعداد لاستخدام السلاح إذا ما شعرت بوجود خطر قد يهدد نفوذها السياسي ووجودها الفعلي على الأرض. وكان مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، قد أكد في أكثر من مناسبة، أن أرض العراق لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، والصواريخ العبثية هي محاولة لإعاقة تقدم الحكومة وإحراجها، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية ستصل إلى الجناة وسيتم عرضهم أمام الرأي العام، فيما أكدت قيادة العمليات العراقية المشتركة بأنها وجهت القطعات الأمنية بملاحقة مطلقي الصواريخ.

مشاركة :