في مقال سابق جئنا على ذكر ثلاثة عظماء من رواد التنوير، حيث يأتي كل من الشيخ الإمام محمد عبده، وأمين قاسم، وعبدالرحمن الكواكبي، في التسلسل التاريخي، سبّاقون على من سنأتي على ذكرهم من شخصيات تنويرية رائدة في مقالنا هذا. ومن أهم الشخصيات التنويرية: - محمد رشيد رضا 1865-1935 ولد في لبنان وتوفى في مصر، من أهل السنة والسلف، ويعتبر مفكراً إسلامياً من رواد الإصلاح، وكان أديباً ومصلحاً اجتماعياً، التقى بالإمام محمد عبده في بيروت أثناء فترة نفيه، وهاجر إلى مصر العام 1899 وأسس فيها مجلة «المنار» لمقاومة الجهل والبدع، كتب مئات المقالات عن الظلم والاستبداد والفساد، واقترح تأليف كتاب يضم ما يتفق عليه المسلمون جميعاً، والابتعاد عن مسائل الخلاف والاختلاف، لتوحيد الأحكام، وتهذيب الأخلاق، وتثبيت صحة الاعتقاد. - عز الدين القسام 1883-1935 ولد في سورية واستشهد في فلسطين، هو محمد عزالدين بن عبدالقادر القسام 1883-1935، رحل إلى القاهرة وعمره 14 عاماً قاصداً الأزهر الشريف، وأصبح معلماً وخطيباً مفوها وإماما ومأذوناً شرعياً، هو شيخ وأمير المجاهدين في فلسطين، قاوم الاحتلال الفرنسي في سورية 1918 وأسس في حيفا جماعة سرية باسم: العصبة القسامية لمحاربة الاستعمار الإنجليزي سنة 1920، وبدأ عملياته المسلحة في قضاء جنين، وقُتل إثر معركة (يعبد) مع العديد من رفاق دربه، ومنهم أحد المناضلين المصريين ضد الجيش البريطاني، وعلى إثر استشهاده اندلعت الثورة الفلسطينية 1936. - علي عبد الرازق 1888-1966 هو الشيخ علي حسن أحمد عبدالرازق، ولد في أسرة ثرية، عُين قاضياً شرعياً وهو مؤلف كتاب: الإسلام وأصول الحكم 1925، الذي أكد فيه أن القرآن لم يترك شيئاً من الأمور العامة والخاصة إلا وتطرق لها، إلا الخلافة، فقد أثبت أن القرآن لم يحدد شكلاً معيناً للدولة في الإسلام، بل وترك الحرية للمسلمين في تكوين الشكل الذي يريدونه للدولة والذي يتناسب مع حياتهم وزمانهم، وبسبب هذا الكتاب جُرّد من الشهادة العالمية الأزهرية في عهد الملك فؤاد الأول، ومن أهم مؤلفاته أيضا: الحق المر، والإجماع في الشريعة الإسلامية. - طه حسين 1889-1973 هو طه حسين علي سلامة، ولد في أسرة فقيرة وأصيب بالرمد وهو في الرابعة من العمر، وفي عام 1902 دخل الأزهر ثم الجامعة 1908، فدرس الحضارة الإسلامية والعلوم العصرية، وتمكّن من اللغات الشرقية كالعبرية والحبشية والسريانية، شغل منصب وزير التربية والتعليم وسمي بعميد الأدب العربي، نال الدكتوراه 1914 في الأطروحة بعنوان: ذكرى أبي العلاء، وسافر في العام نفسه إلى فرنسا وعاد 1915، وتزوج من سوزان بريسو التي وقفت بجانبه وكان لها عظيم الأثر في حياته، وحصل على الدكتوراه الثانية: في الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون في 1918، سلك مذهب الشك عند ديكارت، ومن أهم مؤلفاته: كتاب: في الشعر الجاهلي 1926، الذي أحدث ضجة كبيرة آنذاك بسبب قوله إن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كُتب بعد الإسلام ونُسب إلى شعراء الجاهلية، ورُفعت عليه قضية في المحكمة بتهمة الإساءة إلى الإسلام، إلا إن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين، ومن أهم كتبه: مستقبل الثقافة في مصر، الفتنة الكبرى عثمان، الفتنة الكبرى علي وبنوه، رواية شجرة البؤس، المعذبون في الأرض، على هامش السيرة النبوية، والرواية الخالدة دعاء الكروان، والأيام الذي تعتبر سيرة ذاتية، ومن أقواله المأثورة: (ويل لطالب العلم إن رضى عن نفسه)، (وعلينا أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون أندادا لهم). ويمكن ملاحظة أن أغلب رواد التنوير اما ولدوا ونشأوا في مصر، وإما سافروا إليها وعاشوا ودرسوا فيها، ذلك إن مصر أرض الكنانة كانت مشعل النور والتنوير، وستظل كذلك أبداً، فعسى الله أن يحميك ويحرسك أيتها المحروسة، ولك كل المحبة يا أم الدنيا يا مصر. aalsaalaam@gmail.com
مشاركة :