أنزلت الأعلام إلى منتصف السواري في المباني العامة، وتجمع المواطنون للوقوف "دقيقة صامتة تذكارية"، يوم الثلاثاء، اليوم الأول للحداد الوطني الذي يستمر ثلاثة أيام على ضحايا سقطوا في هجوم إرهابي وقع في فيينا ليلة الإثنين، وهو أيضا يوم الصدمة والخوف والحزن للنمساويين. لقد أسفر الهجوم الذي وقع ليلة الإثنين في وسط فيينا، عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. ثم قُتل المهاجم برصاص الشرطة، وما زالت تفاصيل الهجوم قيد التحقيق. والثلاثاء أيضا هو اليوم الأول من فرض الإغلاق في النمسا، التي تعتبر إلى جانب اليونان، آخر الدول في القارة التي تفرض عمليات إغلاق مع مرور أوروبا بفترة قاتمة بعد الإبلاغ عن أكثر من 11 مليون حالة إصابة مؤكدة بكوفيد-19. ألم النمسا شعرت به جميع الدول الأوروبية بجميع أنحاء القارة، وهو ما يعطي لمحة عما تخوضه أوروبا بأكملها من معركة على جبهتين: الهجمات الإرهابية ووباء كوفيد-19. --هجمات إرهابية تدق ناقوس الخطر لقد شوهدت الأعلام الزرقاء للاتحاد الأوروبي، ترفرف أيضا على منتصف السواري أمام مؤسسات الاتحاد الأوروبي الكبرى في بروكسل في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، استذكارا لضحايا الهجمات الدموية في النمسا وفرنسا. قال رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل في تغريدة على ((تويتر))، مع صورة تظهر فيها الأعلام أمام المجلس "كل أوروبا تقف موحدة في معركتنا ضد الإرهاب. الهجمات ضد قيمنا الأساسية لن تفرقنا أبدا". وأدان زعماء أوروبيون آخرون الهجوم. قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه "أصيب بصدمة شديدة من الهجمات المروعة". وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "القتال ضد هؤلاء القتلة ومحرضيهم هو معركتنا المشتركة". وندد المستشار النمساوي سيباستيان كورتس بالهجوم ووصفه بأنه "هجوم كراهية". وقال في تغريدة في وقت سابق يوم الثلاثاء "لكن يجب أن ندرك دائما أن هذا ليس خلافا بين مسيحيين ومسلمين أو بين النمساويين والمهاجرين. إنه صراع بين كثير من الناس الذين يؤمنون بالسلام، وقلة ممن يريدون الحرب". الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال مساء الإثنين، إن الفرنسيين يشاركون المواطنين النمساويين مشاعر الصدمة والحزن. وأضاف على ((تويتر)) "بعد فرنسا، يتعرض بلد ودود للهجوم. إنها أوروبا (قارتنا). وأعداؤنا يجب أن يعرفوا مع من يتعاملون. لن نستسلم". كان ماكرون يشير إلى الهجمات التي تعرضت لها فرنسا مؤخرا. في الأسبوع الماضي، قُتل 3 أشخاص طعنا بسكاكين في هجوم بمدينة نيس. وقبل أسبوعين، قُتل مدرس بوحشية في باريس بعد درس لحرية التعبير. في أعقاب هجوم فيينا، أعلنت العديد من الدول تكثيف إجراءات الأمن. فقد رفعت بريطانيا يوم الثلاثاء مستوى التهديد الإرهابي من "كبير" إلى "خطير"، ما يعني احتمالا كبيرا بوقوع هجوم. وفي الدنمارك، وجمهورية التشيك، والعديد من الدول الأخرى، كثفت الشرطة دورياتها الأمنية في الشوارع وحول المؤسسات الهامة. ورفعت فرنسا حالة التأهب الوطنية الخاصة بالهجوم إلى حالة "الطوارئ"، وهو أعلى مستوى لنظامها الخاص بالإنذار من الإرهاب، منذ الأسبوع الماضي. وأمرت السلطات بتشديد الرقابة وإجراءات الأمن حول الكنائس والمدارس. ودعا العديد من السياسيين والخبراء إلى بذل جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب. وحثّ الخبير الدفاعي السلوفيني فلاديمير بريبليتش، على تعزيز التعاون بين وكالات الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي، "وإلا يمكن توقع حدوث هجمات مماثلة في بعض الدول الأخرى"، وفقا لقوله. --كوفيد-19 في موجة ثانية إلى جانب التهديدات الإرهابية، تواجه أوروبا حاليا مشكلة شائكة أخرى هي وباء كوفيد-19 في موجته الثانية. خلال الشهرين الماضيين، تشهد أوروبا عودة كبيرة لظهور حالات كوفيد-19، الأمر الذي يجبر الدول على إعادة فرض القيود في محاولة للحد من انتشار الفيروس. وفي ظل معاناتها من حادث إطلاق النار الدموي في فيينا مساء الإثنين، دخلت النمسا في إغلاق جزئي يوم الثلاثاء كأحدث إجراء يهدف لاحتواء انتشار الوباء. مع "الزيادة الهائلة" في عدد الحالات الجديدة في النمسا، يجب أن تكون هناك "إجراءات صارمة"، وفقا لما قاله كورتس لدى إعلانه قرار الإغلاق. في بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء جونسون يوم السبت الماضي أن إنجلترا ستدخل في إغلاق لمدة شهر اعتبارا من يوم الخميس. وقال جونسون في مؤتمر صحفي افتراضي في مكتبه بداونينغ ستريت "لقد حان الوقت الآن لاتخاذ إجراء، لأنه لا يوجد بديل". وجاء إعلان رئيس الوزراء عن هذه الإجراءات الأشد، وهي الثانية من نوعها منذ تفشي الوباء في بريطانيا، بعد ساعات فقط من ظهور أرقام رسمية تشير إلى أن الحالات المؤكدة في البلاد تجاوزت المليون. ونفس السيناريو يحدث في فرنسا وجمهورية التشيك وبلجيكا، ودول أخرى. لقد شهدت فرنسا للتو أعلى حصيلة يومية للوفيات بلغت 854، وفقا لأحدث بيانات من وزارة الصحة يوم الثلاثاء. وقال اتحاد المستشفيات بالبلاد، إن بعض المرضى في المنطقة الشمالية من هاوتي دو فرانس، سيُنقلون إلى ألمانيا، ولأجزاء أخرى من فرنسا، للعلاج، في الأيام المقبلة، لأن المستشفيات في هذه المنطقة المتأثرة بشدة تتعرض لضغط امتلائها بحالات الإصابة بالفيروس. ودخلت فرنسا في حالة إغلاق منذ الجمعة الماضي. وتأمل الحكومة أن يساعد الإغلاق لمدة شهر، في تقليل حالات الإصابة اليومية من 50 ألفا إلى 5000، لكن الخبراء قالوا إن هناك حاجة لمزيد من الوقت حتى تؤتي إجراءات الإغلاق ثمارها. وبالضبط كما قال رئيس الوزراء السلوفيني يانيتش يانسا يوم الثلاثاء، فإن الشتاء سيكون طويلا، و"نحن في معركة شاقة لشهر على الأقل ضد الفيروس، ثم شهور من الحذر الشديد".
مشاركة :