تواصلت ردود الفعل الدولية على الانتخابات الأميركية. وبعيداً عن تفاصيل الأزمة الانتخابية في أميركا وما إذا كانت ستحسم بسرعة وبخسائر معنوية ثقيلة، فقد استمرت الدول ببعث رسائل إلى واشنطن حول ما تترقبه من الإدارة الجديدة، بعد ولاية عاصفة للرئيس دونالد ترامب، تخللتها ضغوط كبيرة على العلاقة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، كذلك مع الصين التي باتت تعد منافساً استراتيجياً لأميركا. في السياق، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أمس، إلى "علاقة جديدة" بين أميركا وأوروبا. وقال: "سيكون علينا إعادة بناء علاقة جديدة عابرة للأطلسي، تشكل شراكة جديدة". وفي برلين، رفض نوربرت روتغن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني وهو سياسي بارز بحزب المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي القول، إن رئاسة ترامب كانت خطأ وأن الأميركيين لاحظوه وأنهم يصوبونه الآن مجدداً ببساطة وبشكل سريع. بكين في المقابل، أكدت بكين أمس أهمية العمل على دفع العلاقات الصينية ـ الأميركية قدماً ووضعها "على الطريق الصحيح". وقال نائب وزير الخارجية الصيني لو يو تشنغ، إن "الصين تأمل أن يلتقي الرئيس الأميركي وحكومته الجديدة مع الصين في منتصف الطريق ويتم التركيز على التعاون وإدارة الخلافات ودفع العلاقات الثنائية الى الأمام". موسكو أما في موسكو التي تخضع لعقوبات أميركية وتتعرض لانتقادات دائمة من واشنطن حول نظامها السياسي، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيوف، أن الولايات المتحدة كانت سترفض الاعتراف بنتائج انتخابات مثل انتخاباتها، لو أنها جرت في دولة أخرى. وقال السيناتور الروسي، إنه ظهر حتى الآن خاسر واحد في هذه الانتخابات، وهو العملية الانتخابية نفسها والديمقراطية بحد ذاتها. خامنئي وسخر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي من الانتخابات الرئاسية الأميركية ووصفها بـ"الاستعراض". وجاء في رسالة نشرت ليل الأربعاء ـ الخميس على حساب خامنئي على "تويتر" بالإنكليزية: "يا له من استعراض! يقول أحدهما إنها الانتخابات الأكثر تزويراً في تاريخ الولايات المتحدة. ومن يقول ذلك؟ الرئيس الأميركي الحالي". وتابعت التغريدة: "خصمه يقول إن ترامب ينوي تزوير الانتخابات. هذه هي الانتخابات الأميركية والديمقراطية في الولايات المتحدة". وإيران تتعرض لانتقادات بسبب اعتمادها ديمقراطية يعتبرها الكثيرون شكلية إذ تقوم مجالس خاصة بتصفية المرشحين المناسبي لخوض الانتخابات في عملية يعتقد الكثيرون أنها تشبه التصفيات السياسية . وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في إيران، أعلنت الولايات المتحدة في فبراير عقوبات رمزية أساساً على خمسة مسؤولين إيرانيين بعد استبعاد آلاف المرشحين الإصلاحيين أو المعتدلين من الاقتراع. يهود وإسرائيل على صعيد آخر، كشف استطلاع جديدة أجرته منظمة "جي ستريت" اليهودية الليبرالية في يوم الانتخابات أن الناخبين اليهود في الولايات المتحدة صوتوا بأغلبية ساحقة وصلت إلى 77 في المئة لمصلحة المرشح الديمقراطي جو بايدن، مقابل 21 في المئة فقط للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبفارق كبير عن نسبة تصويتهم للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016 حيث منحوها 45 في المئة من الأصوات. ووفقاً للاستطلاع، فإن 5 في المئة من اليهود فقط أشاروا إلى إسرائيل كأحد المواضيع الرئيسية التي تشغلهم، مقابل 9 في المئة في 2016. في المقابل، أشار تقرير إلى أن ترامب خاب أمله من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لأن الأخير لم يدعمه علناً. ورغم ذلك، فإن الاعتقاد السائد في إسرائيل هو أن بايدن داعم كبير لإسرائيل وسيعمل من أجل مصالحها، لكن لو فاز ترامب لكان الوضع أفضل. مصر وفي القاهرة، تعيش دوائر صنع القرار المصرية حالة من الترقب مع اقتراب جو بايدن من حسم السباق، وهو الأمر الذي ترغب القاهرة ألا يسبب أي تغيرات جوهرية في مسار العلاقات الثنائية. وفي وقت كشفت الصحف والمواقع المصرية الموالية عن انحياز أكثر صراحة لترامب، يرى مراقبون أن العلاقات المصرية ـ الأميركية شهدت أفضل حالاتها في ظل عهد ترامب. ورأى رئيس تحرير صحيفة "الشروق"، عماد الدين حسين، أن استمرار ترامب لولاية ثانية، سيكون أفضل لمصر فيما يخص ملف سد النهضة الإثيوبي، عاكساً تخوف القاهرة من أن بايدن ربما لا يمارس أي ضغوط على إثيوبيا في هذا الملف ما يزيد من تعقيد أزمة بلا سقف. لكن يظل ملف حقوق الإنسان والحريات العامة، النقطة الأكثر حساسية في العلاقات المصرية ــ الأميركية حال وصول بايدن للحكم، إذ سبق وأن انتقد المرشح الديمقراطي خلال الحملة ما وصفه بـ "اعتقال وتعذيب عدد من النشطاء" في مصر". وتوقعت الخبيرة في العلاقات المصرية ـ الأميركية، داليا زيادة، أن يكون ملف "الحريات" الذي يثير بعض الحساسيات بين البلدين حال وصول بادين للحكم، لكن دون الوصول إلى مرحلة الصدام أو فرض عقوبات. لبنان وفي لبنان كشفت مصادر متابعة، أمس، أن المساعي لتشكيل حكومة تأثرت بالانتخابات الأميركية. وقالت المصادر: "إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الكفة الانتخابية الرئاسية الأميركية ميّالة حتى الساعة، لمصلحة المرشح الديمقراطي جو بايدن. وهذا يعني أن الفريق الممانع في بيروت المؤلف من حزب الله وحركة أمل وحلفائهما، ذاهب نحو رفع سقف مطالبه من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كلّما طال أمد التأليف، ولن يكون هذا الفريق أبداً في وارد خفضه". وأضافت: "إذا لم يكن الحريري يريد التراجع عن مبادئه التشكيلية، لناحية حكومة مصغّرة تكون المداورة فيها سارية على الوزارات كلّها (ما عدا المالية)، لا ثلث معطلاً فيها لأي فريق، فمن الأفضل له، إما أن يقدم تشكيلته التي يريد الى رئيس الجمهورية ميشال عون ويترك الكرة في ملعب بعبدا، أو ينسحب من المشهد الحكومي عبر رد التكليف لأصحابه، لأن إصراره على شروطه سيجعله شريكاً في حرق الوقت واستنزاف البلاد". كان الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو صريحاً جداً فيما يخصّ الانتخابات الأميركية فقال لمناصريه أمام القصر الرئاسي في برازيليا "تعلمون من أدعم، أنا واضح". وأضاف "علاقتي بترامب جيدة. آمل أن ينتخب رئيساً لولاية ثانية". ونسج بولسونارو الملقّب بـ "ترامب المنطقة الاستوائية" علاقات وثيقة مع رئيس الولايات المتحدة الجمهوري. وأكدت بريطانيا أن علاقتها مع الولايات المتحدة "ستُعزز أياً كان الفائز" مشيرةً إلى الخلاف مع واشنطن بشأن اتفاقية باريس للمناخ. وأكد متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني أن "الولايات المتحدة هي أقرب حليف لنا ونحن مقتنعون بأن علاقتنا ستُعزز، أياً كان المرشح الذي سيفوز في الانتخابات". ورفض رئيس الوزراء بوريس جونسون وهو حليف شعبوي لترامب، اتخاذ موقف حول إعلان الرئيس الجمهوري فوزه قبل انتهاء فرز الأصوات، عندما سُئل عن ذلك في مجلس العموم. لكن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أكد أنه "ليس قلقاً" بشأن العلاقات مع الولايات المتحدة.
مشاركة :