أهلا بك عزيزي القارئ ولقاء جديد مع حوار من حواراتي مع شيخي رحمه الله تعالى..سألته يوما عن الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه المولى عز وجل..من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما إفترتضه عليه وما يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولإن إستعاذني لأعيذنه .سألته عن فحوى هذا الحديث وما تضمنه من المعاني..فأجابني قائلا..إن هذا الحديث أشار الله تعالى فيه إلى أمرين..الأمر الأول يتعلق بمحبة الله تعالى لأهل ولايته ومكانة الولي ومنزلته عنده سبحانه وتعالى وغيرته عليه وتوعده سبحانه لمن يعادي وليا له بالحرب.. وهذا الأمر أشار إليه عز وجل في الشطر الأول من الحديث وهو قوله تعالى..من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب..والأمر الثاني..أشار الله تعالى فيه إلى السبيل لسلوك الطريق إليه والوصول إلى حضرة القرب والمقام في مقام الوصل والحظوة بأنسه عز وجل بعد التحلي بوصفه سبحانه ..ففي قوله عزوجل..وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما إفترتضه عليه..بيان وإيضاح منه سبحانه إلى أساس سلوك الطريق إليه وإشارة إلى نقطة البداية التي ينطلق منها العبد السالك لطريقه سبحانه والتي هي أحب الأعمال إلى الله وهي إقامة الأركان والفرائض والإلتزام بأوامره ونواهيه وإقامة حدوده والوقوف عندها ..وفي ذلك بيان أيضا إلى أن الشريعة الغراء هي الأساس في سلوك طريق الله تعالى ولا إقبال عليه سبحانه ولا تقرب إليه عزوجل إلا بها..ومن هنا قال أهل العلم والمعرفة والحقيقة..لا حقيقة بغير شريعة ومن تحقق ..أي علم علوم الحقيقة ولم يتشرع فقد تفسق..أي خرج عن دائرة أهل الله وحرم من التعرف عليه سبحانه والوصول إليه...هذا وعندما يلتزم العبد بتعاليم الشريعة الغراء ويتمسك بهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويهتدي بهديه القويم ويتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه الكريمة يفتح الله تعالى له باب المعرفة به والقرب منه سبحانه..إذا فإقامة الشريعة هي الأساس والأصل في محبة الله تعالى للعبد..هذا ومعلوم أن إقبال العبد على الله تعالى والمتمثل في اعمال العبادات والطاعة يقابل بإقبال من الله عز وجل وفي الحديث القدسي يقول سبحانه..من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن لي ذراعا تقربت إليه باعت ومن آتاني يمشي آتيته هرولا..هذا وإقبال الله على العبد يعني تجليات الله وفيوضاته على قلب العبد بأنوار أسماؤه وصفاته سبحانه وعلى أثر ذلك يبدل الله تعالى أوصاف العبد الدنية بأوصافه تعالى السامية العلية ويمنح العبد من الله تعالى علوم وأنوار ومعارف وأسرار ويؤتى الحكمة ويرزق الفهم الرباني وهو فهم بلا أدوات فهم بالله من الله عن الله وهو المشار إليه بقوله تعالى..ففهمناها سليمان.. هذا وفي قوله عزوجل..ولا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن إستعاذني لأعيذنه..اشار سبحانه وتعالى إلى أعمال النوافل وهي جمع نافلة والنافلة هي العبادة التي تزيد على عبادة التكليف التي فرضها سبحانه على العباد والتي بها يقام العبد في الفضل والتشريف ..وكلمة ولا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل..فيها إشارة إلى الدوام والإستمرارية في أعمال النوافل وهي الأعمال الزائدة على أعمال الفرائض المكلف بها العبد والتي على أثرها يرتقي العبد من درجة المحب إلى درجة المحبوب ومن كونه طالبا مريدا لله تعالى إلى كونه مطلوبا ومرادا لله تعالى وعلى أثر ذلك يشرح الله له صدره وينسى قلبه ويتحقق بالوصل ويقام في حضرة القرب.. ويكن عبدا ربانيا..رحم الله شيخي فقد علمت وتعلمت منه الكثير .وإلى حوار آخر مع شيخي..
مشاركة :