أيام قليلة وتمضي سنة من سنين العمر تمضي بكل ما كان فيها من أحداث سواء أحداث محزنة ومؤلمة أو أحداث مفرحة وسعيدة ونستقبل عاما جديدا لا نعلم شيئا عن ما قدره الله تعالى لنا فيه ولا ندري إن كنا من الأحياء أو المتنقلين.. تمضي بنا الحياة ويمضي بنا العمر متقلبين بين أقدار الله تعالى ونعلم أننا سوف نرحل عن دنيانا يوما ما ولكن لا نعلم ولا ندري أين ومتى وكيف.. ونعلم أننا في دار الممر وفي دار المحن والإبتلاء ونعلم أننا مفارقون لهذه الدار ومقبلون على دار الآخرة دار الجزاء والخلد والخلود فهل كانت لنا وقفة مع أنفسنا وعمل كشف حساب أخذا بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم الدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل ) .هل صوبنا أخطاءنا فيما مضى ؟ .هل راجعنا أنفسنا وحسبناها على هفواتها وزلاتها وتقصيرها وتفريطها في جنب الله عز وجل؟ .هل ندمنا على ما قدمت أيدينا وما إقترفته أنفسنا من الذنوب والمعاصي والآثام ؟ . هل اعتذارنا لمن أسأنا إليه وكنا سببا في إيذاءه وإيلامه ؟ متى نعود إلى قيم وأخلاق ديننا الحنيف وسنة نبينا الرشيدة ؟ ..هل رددنا مظالم العباد ؟ .هل إستوعبنا الدرس من ذلك الإبتلاء الذي عم الأرض والذي ما زال البشر يعانون منه . وهل فهمنا الخطاب الرباني الذي بين الله فيه سبب هذا الإبتلاء وهو ما جاء في قوله تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) .أعتقد أننا لم نستوعب الدرس والدليل على ذلك لم نسارع في العودة إلى الله تعالى ولم نعلن توبتنا ولم نغير من أحوالنا التي تزداد سوءا يوما بعد يوم ..هذا ولم يقصر الفساد على الظهور بل تفشى وإستشرى حتى أصبحنا نرى العري وذهاب الحياء لدى معظم الفتيات والنساء ونرى المجون والشذوذ المعلن بلا أدنى خوف من الله تعالى ولا حياءا منه سبحانه وكأن الأمر أصبح عادة .وأصبحنا نرى الفسق والفجور على أعلى مستوي وكأن الناس أصابتهم غيبوبة فنسوا الموت وسكراته وشدة ألامه على أهل الكفر والعصاة والمعرضين والمفسدين ونسوا القبر والحساب والنار والعذاب والوعد والوعيد ..أصبحنا نرى الظلم والجور والعدوان يعم أرجاء الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا على كل مظاهر الحياة ..على الأنفس الزكية وسفك دماءها بغير حق ..وعلى الأعراض التي تنتهك بكل وحشية دون مراعاة لحرمات الله تعالى و الإعتداء على مقدرات الغير وثرواتهم بعدما تحكمت الأطماع في نفوس المرضى الذين يملكون أسباب القوة والغلبة ..لقد عم الفساد في الأرض . وغاب دور البشر في إقامة خلافة الله تعالى في الأرض والتي تعني ( عمارة الأرض وإثراء الحياة عليها..ونشر الرحمة الإلهية بين ربوعها ..وإقامة العدل عليها ) . فبدلا من أن يعمروا ..سعوا في خرابها وإفساد الحياة عليها ..وبدلا من أن ينشروا الرحمة بين الناس وتسود روح المحبة والأخاء ..إستباحوا الدماء والأعراض والأموال والأرض وثروات الغير وإستعذبوا تعذيب العباد والبطش بهم وتفننوا في تصنيع أدوات التدمير والدمار والخراب..وبدلا من إقامة العدل ..عم الظلم والجور وتفشى وتتعالى صرخات المظلومين وصراخهم ولا حياة لمن تنادي ولا ناصر ولا مجيب ..للأسف أصبح عالمنا أشبه ما يكون بعالم الغاب بل أصبح عالم الغاب أرحم ..القوي يأكل الضعيف ولا أمن ولا أمان ولا سلامة للضعفاء .. يمضي عام وراء عام وحال البشرية يزداد شرا وسوءا ودنو وإنحطاطا وترديا ..المهم علينا بأنفسنا ولن يضرنا من ضل وأساء إن إهتدينا ..من هنا وجب علينا وعلى كل إنسان عاقل أن يراجع نفسه ويحاسبها وأن يسارع بالتوبة والعودة إلى الله تعالى وإلى هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله ذلك الهدي القويم الذي يخرجنا من كل الظلمات ويقيمنا في دائرة النور والنجاة والفوز والسعادة والذي هو مصدر وحدتنا وقوتنا ..يقول صلى الله عليه وسلم وعلى آله ( تركت فيكم ما إن تمستكم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وسنتي ) وفي رواية كتاب الله وعتري أهل بيتي ) ..
مشاركة :