قد يشعر البعض بسعادة كبيرة عندما يتناول بعض الأطعمة، بينما لا يجد البعض الآخر سبباً واضحاً للقلق والاكتئاب الذي ينتابه أحياناً، مما يؤكد أن هناك علاقة بين الطعام والحالة النفسية والمزاجية للبشر.. إلى ذلك، أكدت اختصاصية التغذية المجتمعية، سارة الهاملي، إدارة التغذية المجتمعية - مستشفى توام، (صحة - أبوظبي)، أن المخ الذي يدير الكثير من المهام في الجسد البشري دائم العمل ولا يتوقف أبداً حتى أثناء النوم؛ لذا يحتاج لمصدر مستمر وممتاز من الطاقة لتغذيته، والتي بدورها تؤثر على المزاجية. تؤكد سارة الهاملي، أن الدماغ يحتاج إلى أطعمة عالية الجودة تحتوي على الفيتامينات ومضادات الأكسدة ليعمل بالشكل المطلوب، موضحة أن تناول الأغذية منخفضة الجودة «المصنعة والمكررة» تعمل على إعاقة وظائف الدماغ وتحرمه من المغذيات الضرورية التي يحتاج إليها، لافتة إلى أن السكريات ضارة بالدماغ، لا سيما أن الجسم يصبح غير قادر على تنظيم الأنسولين مما يزيد من الالتهابات والإجهاد التأكسدي، وهناك دراسات أثبتت تأثير الأغذية الغنية بالسكريات على وظائف الدماغ، كما أنها محفز قوي لاضطرابات المزاج والتي يدخل من ضمنها الاكتئاب. أطعمة السعادة وأشارت الهاملي إلى أن الدراسات الحديثة أجابت عن العديد من التساؤلات، وربطت بين ما نتناوله وتأثير ذلك على الصحة والمناعة والنفسية، وعلى مشاعرنا ومزاجنا العامة، وقالت إن الأغذية التي تحتوي على فيتامين (ب) بنسبة عالية كالفاصولياء المجففة، الحبوب الكاملة، السمك، مشتقات الحليب، الدجاج، البيض، الموز، الأفوكادو، هي مواد غنية بالتريبتوفان الذي يعزز السيروتونين هرمون الشعور بالفرح، والسيروتونين ناقل عصبي يساعد على تنظيم النوم والشهية، واتزان المزاج، وتثبيط الألم، ويتم إنتاج معظمه في الجهاز الهضمي، وهو مبطن بالخلايا العصبية ويتأثر بشكل كبير بالبكتيريا الجيدة التي تشكل الميكروبيوم المعوي، فهي بذلك تحمي بطانة الأمعاء ضد السموم البكتيرية السيئة، وتحد من الالتهابات وتحسن من امتصاص العناصر المغذية، وتنشط المسارات العصبية ما بين القناة الهضمية والدماغ، كما أن تناول السمك الغني بالأحماض الدهنية (الأوميغا 3) كسمك السلمون والرنجة والسردين والتونة يساعد على التخلص من حالة الكآبة عبر التأثير على الإشارات بين خلايا الدماغ، كما أن التعرض للشمس 3 أيام في الأسبوع لمدة 15 دقيقة يساعد في الحصول على فيتامين (د) الذي يحتاج إليه الجسم والذي يحسن من الحالة المزاجية، ويمكن توفره أيضاً في الكثير من الأغذية منها، سمك السلمون والحليب واللبن والعصائر الطبيعية، كما يساعد تناول الشوكولاتة الداكنة في تقليل القلق وتحسين أعراض الاكتئاب السريري، فالأشخاص الذين يتناولون الشوكولاته الداكنة مرتين خلال 24 ساعة، كان لديهم احتمالات أقل بنسبة 70 % للإبلاغ عن أعراض الاكتئاب مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوه. أغذية القلق وهناك أغذية مسببة للقلق، كالسكر الظاهر والمخفي، والملح، والكافيين، فاستهلاك الكثير من الأغذية المصنعة والمضافات الغذائية (الألوان والنكهات وغيرها)، وشراب الذرة عالي الفركتوز والمونو صوديوم جلوتوميد يزيد حالة التوتر والقلق، بالإضافة إلى معظم الوجبات السريعة العالية بالسعرات الحرارية والغنية بالسكريات والدهون والملح والفقيرة بالمغذيات، وتمت مقارنة النظام الغذائي الغربي والحميات التقليدية مثل حمية البحر المتوسط والنظام الغذائي الياباني، وخلصت النتائج إلى أن خطر الإصابة بالاكتئاب أقل بما نسبته 25% إلى 35% عند الذين يتبعون أي من الأنظمة التقليدية، وفسر الباحثون ذلك بأن هذه النظم عالية الجودة من الناحية التغذوية تحتوي على العديد من المغذيات المختلفة وتقل فيها منتجات اللحوم والدهون والألبان والأطعمة المكررة المصنعة والسكريات، والتي تعتبر من أساسيات النمط الغذائي الغربي.