الشخص الذي لديه وظيفة ولكن براتب ٣٠٠٠ ريال أو أقل في الوقت الحاضر ولديه زوجة وأبناء ولهم مطالبهم ، ويعول والديه أيضا ، خاصة في ظل ارتفاع أسعار جميع المواد الإستهلاكية والمواد الغذائية الأخرى ومواد النظافة .. يواجه الكثير من المتاعب النفسية والقلق والتوتر وعدم راحة نفسية بشكل عام .. لذلك البعض قد يبحث عن عمل إضافي يزيد من دخله ، أو يعمل أعمال أخرى تزيد من دخله ، هذا الشخص يعوض راتبه المتدني ولكنه يعيش في حالة استقرار نفسي حتى وإن تعب جسديا .. ولكن الآخر الذي لم يجد ولَم يبحث عن عمل إضافي يغطي النقص الذي لا يفي به راتبه المتدني يصبح فريسة للمرض النفسي ، وربما الهروب من الواقع وقد يرتكب بعض السلوكيات والأعمال المحرمة كالسرقة والتزوير والخداع وغير ذلك .. ولذلك أهيب بمؤسسات المجتمع والجمعيات الخيرية وباحثيها الاجتماعيين البحث عن هؤلاء ومساعدتهم وتغطية النقص وذلك بصرف مرتب لهم شهري .. ويقوم الضمان الاجتماعي بمساعدة هؤلاء ، لكنه يتطلب تقارير بعضها يفيد بوجود مرض أو إصابة أو إعاقة لهذا الشخص وفِي هذا أرى أمرًا لا يوجد له مبرر إن كان هناك شخصا سليما وشابا ولكن ليس لديه سوى مرتبه الضئيل جدا .. إن لم نهتم بهؤلاء ونساعدهم فسيتعبون نفسيا وسيصبحون فريسة للمرض النفسي . وبعضهم لا زال يدرس ويعول أسرته ، أو أسرته تنتظر منه أن يعمل ويصرف عليها .. الحقيقة – ومن خلال معايشتي للكثير – أن هناك طلابا كانوا يأتون من أسر فقيرة ، وهم المسؤولون عن أسرهم ، فيلتحقون بالجامعة لمواصلة دراستهم ثم يبحثون عن وظائف لهم ، ليساعدوا أسرهم ويساعدون أنفسهم . وأعرف بعض الزملاء الذين ألتحقوا بالخطوط السعودية وبوظائف في البلدية ، واستطاعوا تنسيق وتضبيط أوقات العمل مع محاضراتهم في الجامعة ، وصحيح البعض تأخر في تخرجه ولكن نجح وتخرج في الأخير .. البعض ترك الوظيفة وألتحق بالمهنة الجديدة بعد حصوله على الشهادة الجامعية ، والبعض بقي في وظيفته واستمر بعد حصوله على الشهادة الجامعية . وهنا الطالب قد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد .. فهو استطاع مساعدة أسرته ماليا ، وكذلك ساعد نفسه مع ما تصرفه الجامعة من مكافآت للطلاب .. كذلك اكتسب خبرة وهو في سن مبكرة ، والأهم من ذلك أن صحته النفسية نمت وتحسنت بعد الأمان المالي ، فالمال فيه آمان نفسي للأفراد ، وفيه زينة وحياة ، قال تعالى : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا .. الآية ) ، كما قال تعالى : ( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . والطالب بعد الأمن المالي وتحسن صحته النفسية تحسنت معها صحته الجسدية وأصبح شخصا عاملا منتجا ، يشعر بأهميته في المجتمع . وكل شخص عامل منتج يشعر بأهميته وله قبول في المجتمع عند الناس ، وكل شخص عاطل يشعر أنه عالة على أسرته ويتحسس من نظرة المجتمع له ، ولا شك أنه يجلد ذاته جلدا داخليا بينه وبين نفسه .. وهذا الجلد والنظرة الدونية لنفسه تولد له الأمراض النفسية . كان سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : يعجبني الرجل ، فإن قيل لي : لا عمل له سقط من عيني ، وأختم سطوري هذه بآية يسميها العلماء ، آية العلم والعمل ، يقول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
مشاركة :