تنتشر حول محافظة الزلفي كثير من العقل -جمع عُقْلة وهي المنازل القديمة- والقرى الصغيرة التي كانت موطناً لكثير من العائلات قبل أن يتركوها منتقلين إلى حواضر المدن إذ يزيد عددها على التسعين عقلة. وتتركز غالبية العقل في شمال الزلفي وسط كثبان نفود الثويرات ويوجد عدد منها جنوب وغرب المحافظة، وتشكل في مجموعها إرثاً قيماً وتراثاً غالياً، يروي للحاضر معاناة الماضي، ويسرد لليوم حياة الأمس في جوف الصحراء، والاعتماد بعد الله على مراع تنتظر المطر، ومزارع يسيرة تحكي قلة ذات اليد، تستغرب كيف كانوا يعيشون بين الكثبان الرملية وارتفاعاتها الشاهقة خلال لهيب الصيف وصقيع الشتاء. ولاتزال كثير من مبانيها قائمة بيوتاً كانت مأهولة ومساجد كانت عامرة، كتب التاريخ ومواقعه تسطر عنها شيئاً من وقائع حدثت ورجال أحدثوا، وصفحات الجغرافيا تحمل رسماً لمواقعها ووصفاً لمظاهرها، وكبار السن في المحافظة لازالوا يروون حياة الماضي وأحداث الأمس. الشيء الجميل في أهالي الزلفي أنهم لم يولوا ظهورهم عن أماكن ظهورهم، فلازال الكثير ممن عاش في تلك العقل أو من أبنائهم وأحفادهم يوليها اهتمامه، فأحيا مزارعها ورمم أطلالها، بل إن بعضها يحوي عدداً من المنازل والاستراحات الحديثة، وأصبحت أماكن يجتمعون فيها خلال الإجازات الرسمية والأعياد وفي نهاية الأسبوع، وتؤدى في عدد منها صلاة الجمعة، والأعجب من هذا أن واحدة من تلك العقل فيها حاليا مصنع حديث لتعبئة المياه.
مشاركة :