رمضان البيه يكتب: إكرام الميت دفنه‎

  • 11/11/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كم حزنت عندما توفى لي صديق وسمعت كلمة ( إكرام الميت دفنه) وأثناء التشييع سمعت الورثة يتشاحنون على الميراث وسمعت من يقول بالراحة على الأمانة ..المرحوم كان عايش عيشة البشوات وكان كما يقال برنس ..صحة ووجاهه وأناقة وشياكة ونزاهة وكان مقبل على الحياة وفي لحظة خرج من الدنيا دون أدني مقدمات لا مرض ولا كبر في السن  وقيل ..إكرامه في دفنه والحي أبقى من الميت و أثناء الغسل تعالت أصوات أبنائه على  الميراث  وبدء الصراع وأبيهم مسجى على خشبة الغسل لا حول له ولا قوة وأصبح أمانة بين يدي  رحمة ربه تعالى ومولاه.  ولا شك أنه تعالى أرحم الراحمين واكرم الأكرمين ..هذا ومما آلمني أكثر أن أبناءه الذين أنفق عليهم عمره  تعليم في مداس خاصة وملابس من أغلى الأصناف وسيارة خاصة بهم موديل السنة وعيشة رغدة كل طلباتهم مجابة..للأسف الشديد أنهم لم يصبروا حتى يدفن ويواريه التراب تعالت أصواتهم وهو يتحدثون عن الميراث وحدث تشابك بينهم بالأيدى والناس واقفة حزينة ممتعضة يقولون لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم يا أولاد إصبروا حتى نوصل الأمانة ونستر جسد أباكم.. وبعد تقريبا أقل من نصف الساعة بعد الدفن الكل إنصرف وكالعادة أصبح مجرد ذكرى  وسوف تأخذ الدنيا بمشاغلها وهمومها الأبناء والأهل والأصدقاء كالعادة  ونادرا ما سوف يزورونه وسيصبح المرحوم في طي النسيان وبعدما إنصرف الجميع الأبناء والأهل والجيران والأصحاب  والمشيعين جلست وحيدا على رأس المقبرة  بعدما إنصرف الجميع لأكثر من ثلاث ساعات ونصف تقريبا وأخذت أدعوا له بالمغفرة والرحمة وشريط ذكرياتنا يمر أمامي ويجوب بخاطري . .هنا دمعت عيناي وتذكرت قول الله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت  وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) وقوله سبحانه ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتسائلون عن المجرمين ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى آتانا اليقين ).. نعم سنخرج جميعا من دنيانا وسوف نرتهن بأعمالنا وما قدمت أيدينا وأن ليس للإنسان منا إلا ما سعى وسعيه سوف يرى ..هذا وفعلا أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في الدنيا التي لا مراء فيها  وأكبر تذكرة وموعظة للإنسان وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله ( من أراد موعظة فالموت يكفيه ) ..و من هنا ولأجل ذلك وجب علينا الإتعاظ والإعتبار وأن نقف مع أنفسنا وقفة صادقة ونراجعها ونحاسبها من قبل فوات الآوان بنهاية الأجل أخذا بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله  ( حاسبوا أنفسكم من قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم من قبل أن توزن عليكم . الدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل ) . وتذكرت هنا أيضا أن عند الموت يفارق الكل الأهل والأصدقاء والأحباب ولا يبقى للعبد إلا ربه تعالى ومولاه فهو سبحانه الذي لا يفارق. وقد جاء في الأثر أن الإنسان بعدما يودع في قبره ويغلق الباب يناديه ربه تعالى ومولاه جل في علاه قائلا له ( عبدي حملوك وجاءوا بك وتركوك ولإن بقوا معك ما نفعوك ولم يبقى لك إلا أنا..فهل جئتني بالصدق حتى آتيك بالوفا ) ..

مشاركة :