بوصلتنا مع الإرهاب.. - د.هيا عبد العزيز المنيع

  • 8/15/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لن أدخل في شرح معنى وأهمية المفاهيم وفق منظور علمي أو منهجي، حيث لا تكون الدراسة علمية ومقبولة إن لم تحدد مفاهيمها بدقة بكل دلالاتها المقصودة في الدراسة.. وكلما زادت الدقة توقعنا دراسة علمية دقيقة أيضاً في نتائجها وزادت سيطرة الباحث على بحثه بحيث لا يجد نفسه في حالة تشتت كلما تعمق في الدراسة لتداخل المفاهيم لديه خاصة في الدراسات الإنسانية حيث تكشف تمكن الباحث من موضوع دراسته بدقة تحديد المفاهيم. اليوم في مواجهتنا للإرهاب أجد أننا للأسف أشبه بباحث تداخلت عليه المفاهيم واختلطت أوراقه وبقيت مشكلة الدراسة دون تحديد فخانته نتائج الدراسة بضلال بوصلتها. في مواجهتنا للإرهاب نجد أننا مازلنا نعتقد أنهم صبية ضالون وشباب مغرر بهم، ومدخلنا في كل ذلك يأتي من منطق إلباسهم رداء الدين. أي أننا رغم تفجيرهم المساجد وقتل المصلين عموماً مازلنا نتعامل معهم أنهم مسلمون أخطأوا الطريق. نعم هم مسلمون ولكن أيضاً هم مجرمون بحق وطنهم ومجتمعهم. أما دينهم فلهم وبينهم وبين ربهم. هؤلاء مثل مروّج المخدرات مسلم ولكنه مجرم. مثل القاتل مسلم ولكنه مجرم. والسارق مسلم ولكنه مجرم. الاختلاف أن هذا وذاك خلاف المجتمع معهم أخلاقي أما هؤلاء فاختلافنا معهم تاهت بوصلته، لأنهم يتاجرون بالدين. والأخطر لأن بعض محرضيهم ما زالوا يحظون بقبول مجتمعي لارتدائهم عباءة عالم الدين. في السابق ومع بدايات الإرهاب في شرارته الأولى على يد جهيمان ومن ثم تتابعه لتأتي النقلة النوعية على يد بن لادن ثم تطاولت قامة العنف وخلع آخر رداء يستر حقيقة أهداف هذا الإرهاب حيث باتت داعش وجنودها من العصابات المتجمعة أو الذئاب المتفردة في مجتمعنا أكثر عنفاً ودموية وصلافة في القتل. وليس أي قتل، إنهم يقتحمون المساجد حيث يكون الركع والسجد العابدون لله عز وجل. هل هذا ضلال مسلم أم أن بوصلتنا ما زالت تائهة؟! مع ذلك ما زلنا نعاني في تحديد مفهوم الإرهاب والمفاهيم المرتبطة به تبريراً أو دعماً أو تحفيزاً أو تحاشياً وكأن الأمر لا يعنيهم ضرراً أو مسؤولية. باستثناء المؤسسة الأمنية ما زالت بقية المؤسسات الحكومية والأهلية غير قادرة على تحديد مفهوم الإرهاب وبالتالي دورهم تجاه هذا الخطر حيث يمثل الخلط أكبر خطر في تحديد توجه بوصلة تلك المؤسسات في اجتثاث الإرهاب من جذوره، لنأخذ على سبيل المثال آراء بعض علماء الدين سنجد أنهم في حالة مراوحة بين تجريم هؤلاء وتبرير إرهابهم وأحياناً تحاشي مواجهتهم بخطاب تنويري واضح المعالم خطاب يفكك بوضوح مرتكزهم الفقهي في تحليل النحر والقتل والاغتيالات. خطورة الإرهاب باتت واضحة ناهيك عن تعارضها مع ثوابت الدين الإسلامي. فهم يقتلون المصلين كما يقتلون رجل الأمن ويفجرون المراكز الأمنية ولا يتورعون في استخدام أي وسيلة لتحقيق أهدافهم بإنشاء دولتهم. استمرارنا في التعامل مع هذا الفكر في عموم تكوينه للأسف لا يرتقي لخطورته علينا وعلى وطننا، والشواهد عديدة منها كما ذكرت إصرار خطابنا عموماً على نعتهم بالشباب الضال والخوارج والمغرر بهم فيما هم يزيدون في عنفهم بجسارة ونعومة الأحكام القضائية وخروجهم بعد المناصحة ناهيك عن غياب تام لبقية المؤسسات الحكومية في مواجهة مستنقعات التكفير والفتنة. لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net

مشاركة :