البرلمان اليوناني يقر خطة مساعدة ثالثة مقابل إجراءات تقشفية صارمة

  • 8/15/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أقر البرلمان اليوناني، صباح يوم أمس، خطة المساعدات الثالثة للبلاد التي تبلغ قيمتها نحو 85 مليار يورو، بعد مناقشات استمرت طوال الليل وشهدت انشقاق عدد كبير من غالبية حزب سيريزا اليساري، في حين وصفت المفوضية الأوروبية وألمانيا هذه الخطوة بـ«المشجعة» بانتظار الموقف الحاسم لوزراء مالية منطقة اليورو. وأقر النص بـ222 صوتًا مقابل 64 صوتوا ضده، بينما امتنع 11 نائبًا عن التصويت. وقبل إقرار النص حذر رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، من أن منح اليونان قرضًا مرحليًا، كما تقترح ألمانيا، سيكون «عودة إلى أزمة بلا نهاية». وقال تسيبراس إن «هذا ما يسعى إليه البعض بطريقة منهجية ونتحمل مسؤولية تجنب ذلك وعدم تسهيله». وتجادل النواب طويلاً حول مسائل إجرائية مع رئيسة البرلمان، زوي كونستانتوبولوس، التي تنتمي إلى حزب سيريزا، لكنها تعارض الخطة بشدة. وسعت رئيسة البرلمان إلى الاستفادة من كل الوقت الذي تسمح به النصوص لدراسة مشروع القانون الذي يقع في 400 صفحة. وأضاف تسيبراس أن «الخيار الصعب كان بين خطة إنقاذ في منطقة اليورو وخطة إنقاذ مع العودة إلى الدراخما (عملة اليونان قبل اعتماد اليورو)»، كما يقترح حتى الآن وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، وذلك ردًا على الذين ينتقدون داخل حزبه سيريزا قبوله بهذه الخطة. وأردف: «ادعوكم جميعًا إلى عدم منح الدوائر الأكثر تشددًا في أوروبا فرصة تقويض الاتفاق؛ مما سيؤدي إلى مضاعفة القروض المرحلية». كما أشار رئيس الوزراء اليوناني إلى أن «اليونان لا تؤمن في العمق بخطط المحافظين وتطالب بطريق بديل.. موقفنا لم يتغير لكنه لا يمكن أن يعتمد على أوهام». وتابع أن حكومته «اختارت مسؤولية مواصلة المعركة بدلاً من الانتحار، وبعد ذلك الجري إلى المنتديات الدولية لتقول إنه من غير العدل أن ننتحر». من جهته، دعا وزير المالية إقليدس تساكالاتوس إلى الإسراع. وقال إن «الأمر بسيط. مجموعة اليورو تعقد يوم غد (أي أمس الجمعة) ومن دون هذه العناصر لن تتخذ قرارًا، وسيكون هناك قرض مرحلي وسيكون على الحكومة القيام بأعمال أساسية جديدة». ويتضمّن الاتفاق الأخير، أو ما يطلق عليه في اليونان «مذكرة الدائنين الثالثة»، زيادة الضرائب العامة والضريبة المضافة على السلع الأساسية وكثير من السلع الاستهلاكية؛ مما سيتسبب في ارتفاع جميع الأسعار. ذلك إلى جانب رفع سن التقاعد ووضع التزامات جديدة في سوق العمل وخصخصة مؤسسات الدولة، بما فيها المطارات الإقليمية والمرافئ البحرية. وفي اتصالات مع «الشرق الأوسط»، أكد عدد من اليونانيين أنهم «يعيشون كابوسًا مخيفًا». وقالت خريستينا بابايوأنو، وهي ربة بيت في العاصمة اليونانية: «أنا لا أعرف كثيرًا عن الإجراءات التقشفية الجديدة.. ولكن عند سماعي أعضاء البرلمان الرافضين للاتفاق وأيضًا وسائل الإعلام المحلية، أشعر بالغضب والحزن والقلق، ليس فقط تجاه مستقبلي أنا بل تجاه مستقبل أولادي، وكيف يستطيعون العيش حياة كريمة في هذا البلد الذي كبرنا فيه ونفتخر به». وتضيف: «اليونان، كما تعلم، مولد الديمقراطية والحضارات، وبعثنا للعالم كله العلم والمعرفة.. كيف يحدث معنا ما يحدث الآن؟!». أما جورج براسكفوبولوس، وهو عاطل عن العمل منذ عامين، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «سئمت الحياة بسبب ما يقوم به رجال السياسة والحكومة. فهم يتقاضون آلاف اليوروات ويعملون في مكاتب مكيفة، لذلك فإنهم لا يهتمون بعملية الموافقة على الاتفاق أو بتداعياتها على الشعب اليوناني». ويواصل: «المشكلة عندنا هي أننا انتخبناهم ووعدونا بالكرامة. في المقابل، فإني لم ألحظ أي تغيير. فأنا أبحث عن عمل منذ عامين ولم أجد شيئًا بعد؛ مما أدى إلى تراكم الديون عليّ.. وأصبحت اليوم أفكر في مغادرة اليونان نهائيًا». وبعد أشهر من الاضطراب، خصوصًا في عهد وزير المالية السابق يانيس فاروفاكيس، بذلت حكومة معدلة برئاسة ألكسيس تسيبراس في الأسابيع الأخيرة، جهودًا شاقةً وقبلت مرغمة اتفاقًا مع دائني البلاد (الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، ونظام الاستقرار الأوروبي) حول خطة المساعدة هذه التي تقدر قيمتها بنحو 85 مليار يورو على ثلاث سنوات مقابل إجراءات تقشفية صارمة جديدة. وبفضل دفعة أولى بقيمة عشرين مليار يورو في الأيام المقبلة، ستتمكن أثينا من احترام دفعة أساسية تبلغ 3.4 مليار يورو للبنك المركزي الأوروبي، والبدء بتسديد مبالغ لمزودي الدولة الذين لم يتلقوا منذ أشهر دفعات؛ مما يفاقم من حالة الشلل في الاقتصاد. وفي غياب اتفاق، سيكون على اليونانيين الاكتفاء بقرض مرحلي قبل مناقشات جديدة وتعهدات جديدة على الأرجح. ومن جانبها، وصفت المفوضية الأوروبية موافقة البرلمان اليوناني على الخطة بـ«المشجعة»؛ مما قد يمهد لموافقة وزراء مالية منطقة اليورو عليها. وهذا الوضع لا يزعج ألمانيا التي تفضل الحصول على بعض الوقت وتقديم قرض مرحلي. وقال وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله إن لديه «أسئلة» سيطرحها على مجموعة اليورو حول الخطة التي أبرمت فجر الثلاثاء الماضي، بعد 15 يومًا من العمل المكثف بين اليونان ودائنيها. والموضوع الآخر الذي يلتقي فيه السياسيون الألمان الأكثر تشددًا حيال اليونان مع الجناح اليساري في حزب سيريزا، والذي بدا على وشك الانقسام ليل الخميس إلى الجمعة، هو مسألة خروج اليونان من منطقة اليورو. فقد دعا وزير الطاقة اليوناني السابق، بانايوتيس لافازانيس، أول من أمس، إلى تشكيل حركة وطنية ضد التقشف، مثيرًا غضب الحكومة. وقال مصدر حكومي ردًا على هذه الدعوة إن «قرار بانايوتيس لافازانيس يعكس رغبته الواضحة جدًا بإبعاد مساره عن مسار حكومة سيريزا». وأضاف: «نذكر بأن العودة إلى الدراخما قد تكون رغبة فولفغانغ شويبله، لكنها لم تكن يومًا وعدًا قطعه سيريزا للناخبين». ولا يبدو أن الطرف الألماني هو الوحيد الذي لديه تحفظات، فقد قال رئيس منطقة اليورو، يروين ديسلبلويم، إن الضمانات لتسديد الديون تبقى «نقطة قلق أساسية»، معربًا عن الأمل بالتوصل إلى اتفاق في نهاية هذا الاجتماع «الذي لن يكون قصيرًا بسبب كثير من الانتقادات المتوقعة». ومن المتوقع أن تدفع فرنسا، كما فعلت في السابق، نحو التوصل إلى حل سريع يخرج اليونان من حالة الشكوك. وقال وزير المالية الفرنسي، ميشال سابان، لدى وصوله إلى بروكسل، إن على منطقة اليورو «تقرر اليوم بدء العمل ببرنامج المساعدة الثالث». وليزيد من تعقيد الوضع، أعلن صندوق النقد الدولي الخميس، أنه ينتظر من الأوروبيين اتخاذ «قرارات» بشأن تخفيف أعباء الديون اليونانية قبل أن يقرر ما إذا كان سيشارك أم لا في خطة إنقاذ مالية جديدة لهذا البلد. وقالت رئيسة بعثة الصندوق إلى أثينا، ديليا فيلكوليسكو، في بيان: «ننتظر العمل مع السلطات (اليونانية) على برنامج (الإصلاحات) بحيث يكون أكثر تفصيلاً، وننتظر أن يتخذ شركاء اليونان الأوروبيون قرارًا بشأن تخفيف أعباء الدين». ويعد صندوق النقد الدولي إحدى الجهات الرئيسية الدائنة لليونان، وقد شارك مع الأوروبيين في المفاوضات مع أثينا حول خطة الإنقاذ الجديدة، غير أنه أعلن مسبقًا أن مشاركته في تمويل الخطة مرهونة بجعل الدين اليوناني قابلاً للسداد. وتشترط دول أوروبية كثيرة، في مقدمتها ألمانيا، مشاركة الصندوق في تمويل خطة الإنقاذ، ولكنها في الوقت نفسه تتحفظ بشدة على فكرة تخفيف أعباء الديون اليونانية الهائلة والبالغة 170 في المائة تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وفي بيانها، أوضحت فيلكوليسكو أن «صندوق النقد الدولي سيدرس منح اليونان تمويلات جديدة ما أن تتخذ السلطات إجراءات منصوصًا عليها في برنامج (الإصلاحات)، وما أن تتخذ إجراءات لتخفيف الدين». وعكس التوقعات التي أشارت إلى انكماش الاقتصاد اليوناني بسبب ما يعانيه من أزمات اقتصادية، فإن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نما بنسبة 0.8 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي، وفقًا للوكالة الوطنية للإحصاءات. كما يذكر أن الفترة الزمنية التي خصها التقرير لم تتضمن الإجراءات الحكومية التي اتخذتها الحكومة مع فشل المحادثات مع الدائنين، والتي شملت قيودًا على رؤوس الأموال، وإغلاق المصارف، ووقف التداولات في سوق الأسهم.

مشاركة :