في تطور مفاجئ للأزمة التي تمر منها «سامير» مصفاة النفط الوحيدة بالمغرب، أقدمت إدارة الجمارك المغربية على حجز ديون تجارية للمصفاة بهدف تحصيل ديونها على الشركة والمقدرة بنحو 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار). وأكد عادل الزيادي، رئيس فيدرالية شركات النفط بالمغرب، لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارة الجمارك راسلت موزعي المواد النفطية عبر البلاد تطالبهم بوقف أداء ما بذمتهم لشركة «سامير» من ديون تجارية مقابل تزويدهم من طرف الشركة، وتوجيه هذه المبالغ إلى إدارة الجمارك التي تدين للشركة بنحو 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار). وتزامن هذا القرار مع انطلاق مفاوضات بين الحكومة المغربية ومجموعة العامودي، التي تملك 67 في المائة من رأسمال سامير، من أجل إخراج الشركة من الأزمة التي تتخبط فيها. وكانت الشركة أعلنت قبل أسبوع توقيف الإنتاج بمصفاتها الواقعة قرب مدينة المحمدية بسبب تأخر استلامها لشحنات من النفط الخام نتيجة «صعوبات مالية وأوضاع السوق العالمية»، حسب بيان صادر عن الشركة. وتضررت الشركة كثيرا من الانخفاض السريع والقوي لأسعار النفط، الذي أدى إلى انخفاض قوي في قيمة مخزون الشركة التي تمون نحو 60 في المائة من احتياجات المغرب من المواد البترولية. كما شجع انخفاض الأسعار العالمية المستوردين، الذين طرحوا في السوق المغربية منتجات منافسة بأسعار أقل، ما أثر على رقم أعمال الشركة. وتكبدت مصفاة سامير نتيجة ذلك خسارة بقيمة 3.4 مليار درهم (340 مليون دولار) خلال سنة 2014. وحسب محلل في بورصة الدار البيضاء فإن مشكلات سامير قديمة، وسببها الأصلي تأخر المساهمين في الشركة في إنجاز زيادة في الرأسمال واعتمادهم بشكل كلي على القروض المصرفية في تمويل الاستثمارات الهائلة التي عرفتها الشركة خلال الأعوام العشرة الماضية. وأضاف أن مشكلات الشركة تفاقمت سنة بعد سنة، خصوصا مع ضعف نتائجها السنوية وتقلب أدائها. وترزح الشركة اليوم تحت مديونية تفوق 4 مليارات دولار، منها مليار دولار لفائدة إدارة الضرائب، و1.3 مليار دولار لفائدة إدارة الجمارك، ونحو ملياري دولار لفائدة مصارف ومؤسسات مالية مغربية ودولية. ومن جانب آخر قال مصدر من الشركة إن قيادة الشركة منهمكة في إيجاد حلول للمشكلات التي تتخبط فيها، والتي زادت حدتها مند وقف الإنتاج. وأضاف المصدر أن «السبب الرئيسي في وقف الإنتاج هو امتلاء منصات التخزين بسبب تراكم الإنتاج في وقت انكمشت فيه المبيعات كثيرا نتيجة منافسة الواردات»، مشيرا إلى أن «مسألة تأخر تموين المصفاة بالنفط الخام شكلت النقطة التي أفاضت الكأس». وتابع المصدر: «توقف المصفاة هو توقف تقني مؤقت، وستعود للعمل منتصف الشهر الحالي مع وصول شحنات من النفط الخام، وكذلك تخفيف مخزوننا من المواد النفطية، خاصة الغازوال الذي يوفر استيراده هامش ربح كبيرا بالنسبة للمستوردين». إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن مجموعة العامودي، التي يوجد رئيسها الشيخ محمد حسين العامودي بالمغرب منذ أول من أمس، وضعت خطة لضخ تمويلات جديدة عبر الزيادة في رأسمال الشركة، بالإضافة إلى إبرام عقود تسهيلات مالية مع مؤسسات دولية لتغطية شراء الشركة للنفط الخام.
مشاركة :