ياسر عبيدو يكتب: طفل المرور نتاج فوضى الشارع وغياب الرقابة

  • 11/14/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ما زال الشارع يغلى أثر حادثة الطفل ذي الخمسة عشر عامًا الذى قاد سيارة والده المستشار وهو لا يحمل رخصة قيادة وتطاول على رجل الشرطة وحين خرج من النيابة بكفالة كبيرة سجل فيديو آخر يتباهى ويتفاخر فى طفولة ومراهقة بأنه من الناس الذين لا يطبق عليهم القانون باعتباره ينتمى لأسرة من القضاء، هذه الحادثة لا تختلف كثيرًا عن الصحفى الشهير الذى خرجت له تسريبات من زوج ابنته وهو يردد ذات الكلام والمعنى بأنه فوق القانون، وأنه لديه مكانة وحصانة فلا ابنته يتم استدعاؤها إلى الأقسام أو المحاكم ولا أحد يقدر أيًا كان أن يوجه له أى مساءلة قانونية، ثم فيديو بعد خروجه وسط زفة من أصدقائه المنحرفين يتباهون بخروجهم مفرج عنهم ونهم محميون عن أى مساءلة.ونجد أنه فى ذات السياق الاستعلائى العنصرى الطبقى إعلانات نواب البرلمان وتسريبات وتصريحات من المرشحين وقوائمهم عن الملايين العشرة التى تم دفعها نظير الترشح والدخول فى سباق البرلمان الذى من المفترض أنه يمثل الشعب ويعبر عن آماله وطموحاته وآلامه فكيف لمن يملك تلك الملايين أن يقدم استجوابًا لوزير عن ارتفاع سعر المياه أو الكهرباء أو النقل أو المدارس أو الصحة أو التأمين، هل هؤلاء المتورمون ماديًا وسلطويًا يقدرون على التعبير عن الشعب وتمثيله لا سيما أنه لا توجد لديهم أحزاب على أرض الواقع لها تاريخ ولها وجود ولها كيان وعلى تماس تاريخى وحضارى مع الشارع المصرى.وتؤكد ذلك دكتورة عزة أحمد هيكل أستاذة الإعلام أن الطفل نتاج ثورة يناير وفوضى الشارع وغياب الرقابة والثقافة والإعلام والتعليم عن بعد والتابلت وكذلك ذلك الصحفى وهؤلاء المرشحون الجدد، الجميع شركاء ومتشابهون في أنهم قد تصوروا أن النظام القديم والذى قامت من أجله ثورة وسقط رئيس وتم حرق حزب ومهاجمة مؤسسات عديدة فى الدولة ودخل الإرهاب والإخوان وسقط شهداء شرطة وجيش وقضاء ومواطنون، هل هذا بسبب ذلك النظام القديم والذى كان نظامًا عنصريًا طبقيًا يعتمد على ثلاثة أنظمة ألا وهى الحكومة والجهات السيادية والعدالة متمثلة فى الشرطة والنيابة والقضاء وأخيرًا الثروة ورجال الأعمال والكرة والفن. وأرى أنه إفراز طبيعى لبلد عانى كثيرا من تقيحات؟ أنظمة سلطوية كرست الطبقية الجديدة التى اشترت بالمال السياسى مكانة ومناصب لا تستحقها بل قصرتها على أبنائها وأقاربها حتى أصبحت الوظائف الرفيعة تقريبا حكرا على بعض الأسر دون غيرها وبنظرة استعلاء إلى باقى طبقات الشعب التى تحلم بحقها فى الحراك الاجتماعى الذى يسير إليه الترقى الطبيعى بالاجتهاد فى التعليم والترقى الوظيفى لترسب احتقانات فى المجتمع هيهات أن تنمحى أحقادها أمام سرقة أحلام البسطاء فى مكان رفيع تحت ضوء الشمس فى الوطن الذى ينفض آثار عدوان قديم ومتوارث على حق الأبناء فى التعليم والترقى والتمتع بالمواطنة الكاملة لتفضى إلى إنتاج مواطنين أصحاء نفسيا واجتماعيا مثل أى مجتمع متقدم فى العالم الراقى والحقيقة فإن إجهاض أحلام البسطاء يظل مكتوما بالصدور أمام الأجيال التى تشاهد وتمارس أدوات التفجر المعرفى الذى يحول الأحلام الى حقيقة والفروق الفردية الى ارقام ومهارات يسهل صقلها وتعبيد التكنولوجيا لخدمتها وأعتقد أن التحدى الحقيقى هو إتاحة التعليم الحقيقى المجانى للفائقين والكافى للفقراء حتى نهاية المرحلة الجامعية بنسبة تناسب تمدد المجتمع وثروته البشرية المنتجة لتتحول الى طاقة تضخ فى عروق الوطن وتعبره لتشكل وجهه الحضارى وقوته الناعمة التى تفيء على المجتمع كله بل والمجتمعات الصديقة التى تريد أن تنهل من مناهل المعرفة والتقدم العلمى والتحصيل المعرفى لذا فيجب تطوير وزارات الثقافة والتعليم لتصبح منصات لتيسير ادواتها ومعارفها لا ان تغلق على انفسها وعلى بعض منسوبيها دون افراز للأكفاء والموهوبين ومنحهم فرص الإعلان عن كفاءتهم، وإلا سيتجهون إلى قوى بديلة حاقدة تتلقفهم لتحولهم الى قوى مناوئة للحضارة ومدمرة للتقدم جزاء لإجهاض أحلامهم.

مشاركة :