إذا فكرت يوما ما ببدء مشروع استثماري جديد وطلبت النصيحة والمشورة من أشخاص متخصصين في عالم الإقتصاد والمال فإن أهم نصيحة قد تسمعها منهم هي عبارة " استعد لرحلة وادي الموت ". ومسمى وادي الموت هو ما أطلقه الرواد الأوائل في أمريكا على وادي مقفر شديد الحرارة ، كان عبوره حيا في ذلك الوقت قبل الطائرات والسيارات صعبا جدا وقد هلك فيه كثير من البشر والدواب.المغزى من العبارة أن أي مشروع استثماري مهما بدا واعدا ومغريا وجاذبا ، فلا بد أن تمر عليه مرحلة في وقت ما تختلف فيه الظروف نحو الأسوأ وتصبح مسيرة العمل صعبة والظروف المحيطة معادية أو غير مشجعة على أقل تقدير، وإن لم تكن محتاطا مسبقا ومستعدا لهذه الرحلة فالهلاك محتوم.الحقيقة أن هذه العبارة صحيحة ليس فقط في عالم المال والإستثمار ، بل إن رحلة "وادي الموت" وتقلب الظروف هي جزء أكيد من حياتك الشخصية ، مسيرتك المهنية ، أمورك المعيشية والمالية، المشاعر والحب في حياتك وممن يحيطون بك ، علاقاتك مع الأصدقاء وأفراد العائلة ، وعاجلا أم آجلا ستسلك "وادي الموت" في كل هذه المجالات أثناء مسيرة حياتك .السؤال المهم هو كيف تكون مستعدا لرحلة "وادي الموت" في حياتك العاطفية ، في علاقاتك الإجتماعية وفي علاقاتك الأسرية مع شريك حياتك ومن تحب .  الحقيقة أن الإجابة لا تختلف كثيرا عما لو كنا نتكلم عن المال والأعمال حيث سيقول لك الناصحون مثلا لا تنفق كل أموالك في البداية ، إحتفظ بسيولة مالية عالية ، لا تغامر بكل ماتملك في المشروع ، ومن هذا القبيل.نفس النصائح أيضا عليك تطبيقها في "إستثماراتك " العاطفية والإجتماعية والأسرية ، فمثلا يمكننا أن ننصح أنفسنا بالقول : كن جيدا وقدم مالديك من عواطف ومشاعر ولكن لا تؤمل نفسك أن تتلقى نفس الحجم من المشاعر من الطرف الآخر. قلل من توقعاتك "للأرباح المنتظرة على إستثمارك العاطفي" حتى لا تصاب بالإحباط وخيبة الأمل. إحتفظ بشيء من الخصوصية لنفسك حتى مع أقرب الناس إليك ، ولا تفشي كل أسرارك مهما كانت ثقتك ويقينك من الطرف الذي يبادلك نفس المشاعر ويشاركك نفس الحياة.إن هذه النصيحة ليست من باب التخوين أو قلة الثقة أو حتى إثارة الشكوك بالآخرين ، فهم ليسوا بالضرورة سيئين أو أنانيين ولكن أنت لا تعلم مافي دواخلهم على وجه اليقين وما قد يمرون به من  تجارب قد تصرفهم عن مبادلتك نفس الإهتمام والمحبة، وهذا بالضبط ما نعنيه بالدخول في "وادي الموت" في هذه العلاقات . إن لم تكن قويا ومتفهما ومستعدا للصبر والتسامح والتأني و"طول البال" والتغاضي ، فبلا شك لن تخرج هذه العلاقة من "وادي الموت" الا وهي منتهية .عندما تكون الأمور وردية ومشاعر الناس فياضة فإن أي "إستثمار" في العاطفة والحب والمشاعر الجميلة سيعود عليك "بأرباح" سخية . سيبادلك الناس الذين تهتم لأمرهم نفس المشاعر بل وأكثر. لكن عاجلا أم آجلا تتغير الظروف وتستجد أمور طارئة تفرض على هؤلاء الناس الجفاف العاطفي وبرود المشاعر وإنصراف الإهتمام . إن لم تكن مستعدا للتعامل بصبر وتفهم مع هذه المتغيرات فستكون القاضية ولن تخرج العلاقة "حية" من "وادي الموت"