أكّد مصرفيون أن تأثير رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة - المزمع إجراؤه في سبتمبر المقبل- على الإقراض والأنشطة المصرفية الأخرى في دولة الإمارات سيكون محدوداً، مشيرين إلى أن حفاظ المصرف المركزي على معدل الفائدة على القروض عند مستوى 1%، هو أعلى بكثير من المعدل الذي يطبقه الفيدرالي الأميركي، ما يمنح المصارف المحلية مرونة أكبر بتحديد معدلات الفائدة على قروضها. وقال المصرفيون إن رفع أسعار الفائدة قد يرفع تكاليف التمويل بالنسبة للشركات، التي قد تتخذ بعض الإجراءات المناسبة للحد من أي زيادة في المستقبل. وكانت أسعار الفائدة على التعاملات بين البنوك بالدرهم أيبور لأجل سنة، واصلت ارتفاعها بمقدار 11 نقطة أساس منذ بداية العام الجاري بالغة 1.11%، كما ارتفعت أسعار الفائدة لأجل ستة أشهر في الفتة ذاتها بمقدار 9 نقاط تقريباً بالغة 0.93%. وذلك وفقاً لبيانات حديثة أصدرها المصرف المركزي، الأمر الذي انعكس على أسعار الفائدة في السوق المحلي. وقال داميان وايت، مدير الخزينة في نور بنك إن تأثر اقتصاد الإمارات بالسياسة النقدية الأميركية أمر طبيعي بسبب ارتباط الدرهم بالدولار، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الظروف الاقتصادية المحلية لها طبيعتها الخاصة، وبالتالي فإن معدلات الفائدة ليست متساوية في البلدين. وأضاف: إذا كنا سنشهد زيادة في أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في الربع المقبل، فإن هذه الزيادة ستكون تدريجية. وفي حين أن الزيادة في أسعار الفائدة لا تعني بالضرورة أن نتوقع حركة تصاعدية للآيبور، فمن المرجح ألا يكون لهذه الزيادة أثر حقيقي، نظراً لأن سعر الآيبور هو بالفعل أعلى نسبياً. وبالتالي، لا يحتمل أن يكون لزيادة أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي أثر خطير، كما لا نتوقع أن يكون التأثير كبيراً في ما يتعلق بقروض الأفراد. مستويات السيولة وتوقع وايت أن تبقى مستويات السيولة لدى البنوك عند مستويات جيدة، وهذا يشكل عاملاً رئيسياً في ما يخص تكلفة عمليات التمويل وحجم الإقبال عليها. كما أن تأسيس شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية يشكل حافزاً لاستمرارية تقديم قروض عالية الجودة للأفراد. فرغم أنه لا يزال غير ملزم، فإن توفر المعلومات الائتمانية يضمن للبنوك القدرة على التحقق من الالتزامات المالية الحالية والتاريخ الائتماني للأفراد، وهذا سيشكل عوناً كبيراً للبنوك في اتخاذ قرارات التمويل المناسبة. وأضاف: طالما واصلت البنوك تنمية ميزانياتها العمومية، فمن غير المرجح أن تواجه تلك البنوك أي ضغوط جرّاء رفع أسعار التمويل. وقد شهدت محفظة تمويل الأفراد بدولة الإمارات العام الفائت نمواً مضاعفاً دون أي تأثير جوهري على الخدمات المقدمة. وقد استمرت موجة النمو هذه في العام 2015، وليس هناك ما قد يعيق استمرارها في عام 2016 طالما أن أسس الاقتصاد الإماراتي لا تزال قوية وسليمة. تكلفة الودائع وأضاف وايت إلى أنه في المقابل، ما قد يكون له تأثير أكبر على النظام المصرفي في الإمارات هو تكلفة ودائع العملاء التي ارتفعت في الأشهر الأخيرة، في ضوء التوقعات بارتفاعها لمستويات أعلى في المستقبل القريب. وعليه، من غير المرجح أن يكون الأثر الكلي للزيادة في أسعار الفائدة الأميركية كبيراً على الاقتصاد الإماراتي، وهي إلى حد كبير مطبقة بالفعل على بعض المنتجات. تكلفة التمويل ومن ناحية إدارة الخزينة، نتوقع أن نرى زيادة في عدد العملاء من الشركات التي تتطلع إلى التحوط ضد الزيادة في معدلات الربح المستقبلية، وإن ارتفاع تكاليف التمويل سيؤدي حتماً إلى اتخاذ بعض الإجراءات المناسبة للحد من أي زيادة في المستقبل. من جانبه توقع نادي البرغوثي، المدير التنفيذي لإدارة الأصول في بنك الإمارات للاستثمار أن يعمل الفيدرالي على زيادة معدل الفائدة بشكل تدريجي حتى نهاية العام الجاري، بعد أن أبقى معدل الفائدة المستهدف عند مستوى منخفض غير مسبوق يتراوح بين 0% و0.25% منذ مطلع العام 2009. وأضاف: في إطار جهوده الرامية للحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدرهم، نتوقع أن يحذو مصرف الإمارات المركزي حذو الفيدرالي الأميركي ويقوم برفع معدلات الفائدة، ما سيؤثر إيجاباً على القطاع المصرفي في الدولة من خلال تحسين هوامش الفائدة على المدى البعيد. وقد حافظ المصرف المركزي على معدل الفائدة على القروض عند مستوى 1%، وهو أعلى بكثير من المعدل الذي يطبقه الفيدرالي الأميركي، الأمر الذي يمنح المصارف المحلية مرونة أكبر في تحديد معدلات الفائدة على قروضها، ما سينعكس إيجاباً على صافي أرباحها في النهاية. وفي المقابل، لا يمكننا إغفال حقيقة أن معدلات الفائدة المرتفعة ستؤدي إلى عزوف المقترضين سواء الأفراد أو المؤسسات، عن التقدم بطلبات للحصول على القروض، ولكن في ظل النمو الجيد الذي سجلته المصارف المحلية في معدلات الإقراض، نتوقع أن يكون التأثير النهائي لهذه الخطوة لصالح القطاع المصرفي بوجه عام. مؤشر واعتبر فرهاد إيراني رئيس مجموعة الخدمات المصرفية للأفراد في المشرق أن احتمال رفع الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة خلال النصف الثاني من العام الجاري يعطي مؤشراً قوياً لعودة الاقتصاد للتحسن. وأضاف: نحن متفائلون لهذا الموضوع وأعتقد أن تأثير رفع أسعار الفائدة على نمو الائتمان سيكون محدوداً، بالرغم من أننا لا نتوقع نمو الائتمان بمستويات كبيرة هذا العام، وهذا الأمر طبيعي، فالأرباح التي حققها القطاع في الفترة الماضية كانت قوية جداً، وقد نشهد بعض الاعتدال والاستقرار في نمو الأرباح خلال العام. توقعات وقالت خديجة حق، رئيس بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأسواق العالمية والخزينة في بنك الإمارات دبي الوطني: تشير توقعاتنا إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيقوم برفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال هذا العام، مع احتمال حدوث هذا الأمر في شهر سبتمبر المقبل. وفي الوقت الذي يرتبط فيه سعر صرف الدرهم بالدولار، ينبغي على أسعار الفائدة أن تأخذ منحنى تصاعدياً، وهو ما شهدناه بالفعل مع ارتفاع سعر الايبور عن الـ 3 نقاط أساس خلال الأسابيع الأخيرة. كما يتوقع لقوة الدولار الأميركي كنتيجة حتمية لارتفاع أسعار الفائدة الأميركية - أن يلقي بظلاله على قطاعي السياحة والعقارات في الإمارات. الأداء القوي توقع فرهاد إيراني، أن يستمر الأداء القوي للقطاع المصرفي في الدولة خلال النصف الثاني وأن تنمو أرباح القطاع بنسبة تتراوح من 5-7% في 2015. وأضاف: بحسب أداء القطاع خلال النصف الأول من العام، أتوقع أن يشهد القطاع حالة استقرار واعتدال، ونتوقع أن يحقق القطاع المصرفي نمواً بمعدل ضعف النسبة المتوقعة لنمو الناتج المحلي الإماراتي أي 7% على الأقل، ولا أتوقع حدوث أي مفاجآت كبيرة في القطاع على خلفية الظروف الاقتصادية الراهنة في العالم.
مشاركة :