أنقرة - تحاول كل من روسيا وتركيا تكرار تجربتهما في اقتسام النفوذ في عدد من الساحات كسوريا وليبيا لكن هذه المرة في جنوب القوقاز عبر استغلال أزمة ناغورني قره باغ. وفي هذا الصدد أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الثلاثاء، عقد لقاءات فنية بين الوفدين العسكريين التركي والروسي بالعاصمة أنقرة، لبحث الإجراءات المنوي تنفيذها عقب وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ. وأكد أكار في اجتماع مع قادة من الجيش عبر تقنية الاتصال المرئي، أن العمل المشترك مستمر مع الجانب الروسي بخصوص التطورات في قره باغ. وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعلن الاثنين موافقة البرلمان لإرسال عسكريين إلى أذربيجان بهدف المشاركة في مهمة روسية تركية لمراقبة وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره. وفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار في "قره باغ"، مع بقاء قوات البلدين متمركزة في مناطق سيطرتها الحالية. فيما اعتبر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الاتفاق بمثابة نصر لبلاده، مؤكدا أن الانتصارات التي حققها الجيش أجبرت رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، على قبول الاتفاق مكرها. وبين علييف، أن الاتفاق ينص على استعادة أذربيجان السيطرة على 3 محافظات تحتلها أرمينيا، خلال فترة زمنية محددة، وهي كلبجار حتى 25 نوفمبر الجاري، وأغدام حتى 20 من الشهر نفسه، ولاتشين حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. والحصول على إذن من البرلمان التركي لنشر الجنود أمر شكلي وسيمتدّ على عام فيما سيحدّد اردوغان عدد العسكريين الذين سيتم إرسالهم. وتسعى تركيا في استنساخ للسيناريو السوري على الحدود الأذربيجانية الأرمينية، لتأمين نفوذها وتوسيعه بمشاركة القوات الروسية في تنسيق عمليات عسكرية مشتركة لمراقبة وقف النار في قره باغ.كما يهدف تحرك اردوغان لإرسال مزيد من قواته إلى أذربيجان لتنفيذ مخططاته التوسعية وتثبيتها في المناطق الغنية بالثروات حيث تحتوي منطقة أذربيجان وأرمينيا وإقليم قره باغ على مخزون هام من المحروقات يثير مطامع الدول التي تقع على مقربة منها. ويحاول الرئيس التركي استدراك تقلص ثقله في قضية قره باغ، بعد أن حققت روسيا الوسيطة في الهدنة الأخيرة مكاسب جيوسياسية هامة بإدخال قواتها لحفظ السلام إلى ناغورني قره باغ على أساس أن يتم تجديد وجودها كل خمس سنوات، فيما ستبقى القوات التركية خارج الإقليم للمساعدة في إدارة مركز لمراقبة الهدنة. ويوسع ذلك الوجود العسكري الروسي ويضع حدا فيما يبدو للتنافس الجيوسياسي بين موسكو وأنقرة في صراع مماثل بين الطرفين في سوريا وليبيا. لكن في المقابل يظل النفوذ التركي حاضرا بقوة عبر اذربيجان في وقت تم فيه تجاوز قرارات مجموعة مينسك بخصوص الأزمة ما يشير الى ان المصالح التركية والروسية تغلبت على مصالح شعوب منطقة جنوب القوقاز وخاصة المدنيين الارمن الذين دفعوا ممتلكاتهم وارواح ابنائهم قبل انسحابهم من مناطقهم في قره باغ. ودعم أردوغان الهجوم الأذربيجاني عسكريا ودبلوماسيا وحاول إحباط مساعي الوساطة، فيما لا يخفى أن الرئيس التركي يسعى كعادته للاستثمار في الفوضى لتحقيق أطماعه مثلما حدث في سوريا وليبيا. وكانت الاشتباكات العنيفة بين القوات الأذربيجانية والقوات الأرمنية العرقية في الإقليم اختبارا لنفوذ موسكو في جنوب القوقاز الذي كان جزءا من الاتحاد السوفييتي تعتبره روسيا حيويا للدفاع عن جناحها الجنوبي. وسيخضع هذا التوافق التركي الروسي المبدئي في ملف ازمة ناغورني قره باغ الى امتحان الالتزام به من قبل كل الاطراف خاصة وان مثل هذه التجارب عرفت بعض النكوص خاصة في الملف السوري.
مشاركة :