المحكمة أو دار القضاء فى كل بلاد العالم – تلك المبانى – ليست مثل كل الأبنية الإدارية – حيث تتميز بخصائص معمارية مختلفة – تتسم بالهيبه والفخامة ، والسكون ، وضخامة الأعمدة وإتساع الأفنية ، وعلو منصة المحكمة عن القاعات وربط حجرات المداولة بالمنصة ، وفصل الإجتماعات والمكتبة والأنشطة الإدارية عن مناطق إستقبال المتعاملون مع المحاكم وفصل قاعات المحامون عن قاعات النيابة العامة وأعضائها – كل هذه الإشتراطات المعمارية – تُدَرَّسْ فى أقسام العمارة بكليات الهندسة ، ويعرفها المتخصصون الدارسون لصفات المبانى ووظائفها ، والمحكمة فى مصر – لها شكل ولون وطعم ، المحكمة كما أنشئت فى أوائل القرن التاسع عشر ، فى العاصمة أو فى عواصم المدن المصرية لها صفات تتفق مع ما ذكرته فى بداية مقالى – ولعلنا – رأينا دار القضاء العالى فى القاهرة – أو محكمة جنوب القاهرة أو محكمة الإسكندرية ، أو فى محكمة أسيوط ، ولعل محكمة شمال القاهرة رغم إنشائها فى الستينيات وأوائل السبعينيات – إلا أن المصمم المعمارى للمحكمة راعى فيها – صفات الهيبة والعظمة – رمزاً لوظيفتها – التى تتسم بالفصل بين الحق والباطل – ومحاولة إعطاء كل ذى حق حقه – بالعدل ودون عنصرية دين أو جنس أو لون ، فالكل أمام القضاء سواء ولعل الشعار الذى إتخذته العدالة ، لسيدة معصوبة العينين وتمسك بالميزان ، شىء يرمز إلي العدالة المعصومة فى المحكمة المصرية ، ولعل قرائة التاريخ القديم ، يسجَّلْ من خلال فن العمارة – فكلما كانت الحياة مزدهرة ، ومتقدمة فى عصر من العصور – ظهر ذلك من خلال عمارة هذا العصر – وإذا إضمحلت الحياة وسائت المعيشة ، نرى ذلك فى العمارة المتروكة لنا من هذه الحقبة الزمنية ، ولعلنا لن نبتعد كثيراَ عن هدف المقال وهى عمارة المحاكم ، إن تدهور حال المحكمة المصرية فى كل مدن ومراكز وعواصم مصر – تدل على أننا قد أهملنا هذا القطاع الهام الذى نرتكن إليه كمصريين فى أن يبث الطمأنينة وينشر العدل بين الناس ، ولاشك بأن مبنى محكمة مهدم- وغير أدمى وغير إنسانى – وغير مؤهل لإستقبال هيئات قضائية تفصل بين الناس ، وكذلك إستقبال المتقاضيين ومحاميهم ، كل هذا يؤثر بشكل بالغ على المنتج النهائى لهذه المحكمة ويفقدها الهيبة والأحترام المطلوبين ويجب أن تقوم وزارة العدل – وهى تبذل جهود جبارة لتطوير آلياتها ومبانيها – بأن تضع فى إعتبارها وبجدول زمنى معلن عن كيفية الإرتفاع بمستوى العمارة فى المحاكم المصرية – ولايجب أن يقل أهتمامنا بالمحكمة في مصر – شكلاً ومضموناً – كأهتمامنا برفع النمو الأقتصادي في البلاد – فالعدل والأقتصاد وجهين لعمله واحدة !! Hammad [email protected]
مشاركة :