تفتخر دولة الإمارات بإرثها الضارب في عمق التاريخ ويعتز شعبها بتراثهم وموروثهم، مما يشكل لهم هذا الاعتزاز والفخر درعا واقيا للحفاظ على أصالتهم وهويتهم العربية والإسلامية وسط دولة حديثة تنبض بثقافات كثيرة ومتعددة. ويعيش الإماراتيون اليوم في أكثر مدن العالم حداثة وتطورا ولكن بنكهة الأصالة لأنهم يجيدون التشبث بالتقاليد والعادات المتوارثة جيلا بعد جيل للوقوف في وجه العولمة والتي غزت العالم دون استئذان وغيرت شكل كثير من الدول وأثرت في سلوك وعادات كثير من شباب العالم دون استثناء. وتتجسد أشكال التراث الإماراتي في كل الممارسات اليومية سواء في المجالس العامة أو الخاصة أو الأسواق أو في الأماكن العامة وما يتم فيها من سلوك مثل حسن الاستقبال وكرم الضيافة أو الاهتمام بالملبس وهو ما يطلق عليه باللهجة العامية " السنع ". وتمارس تلك السلوكيات في الإمارات جنبا إلى جنب مع الوسائل الرقمية والتكنولوجيا العصرية التي يعيش في كنفها الإماراتيون وهم يدركون أن المستقبل لا يمكن أن يكون ذا صبغة إماراتية خالصة ما لم يكن من وحي التراث والثقافة. وتنطلق أجندة الإمارات الثقافية من إدراك المخاطر التي تواجه الثقافة وحفظ التراث في عالم يتغير بشكل مستمر ويهدد الهوية التراثية للشعوب، لذا تحرص من خلال خططها الاستراتيجية في هذا المجال على حماية وحفظ وتشجيع المشاريع المعنية بالتراث والثقافة في كل الإمارات بالتوافق مع الاستراتيجيات المحلية لكل إمارة. وتتبنى الإمارات أفكار المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه " في الحفاظ على التراث وتستلهم منهجه في تحقيق التوازن بين النهضة العمرانية والحفاظ على التراث إذ كان " رحمه الله " له الفضل في الحفاظ على هوية الإمارات الثقافية وسط هذا الزحام من التطور الحضاري الذي امتد ليشمل مناطق الدولة كافة . ومن باب الشغف بالموروث والتشبث به شكلت الإمارات مثالا حيا على التناغم والتمازج الذي يجمع في معظم المناطق منازل الطين بجوار ناطحات السحاب المذهلة مما يجعل السياح في زياراتهم للإمارات بقدر ما يحرصون على مشاهدة الأبراج الشاهقة والفنادق الفارهة يرغبون برؤية تلك الأبنية الأثرية وزيارتها في كل أنحاء الدولة. ولأن التراث الشعبي هو الوحيد القادر على أن يرسم صورة لحضارة وثقافة أي شعب فمن خلاله يستطيع الآخر قياس مدى عراقة البلد والتعرف على عاداته وتقاليده وفنونه الشعبية التي رافقته على مر السنين .. لهذا تولي الإمارات التراث الشعبي عنايتها ورعايته وتسعى للحفاظ على موروثها وحمايته من الاندثار من خلال المؤسسات التي تعنى بالتراث والفعاليات التراثية التي تقام في كل موسم من مواسم السنة. وينطلق جوهر الإستراتيجيات التي تتبناها دوائر السياحة والتراث الموجودة في جميع إمارات الدولة من أن للإمارات تاريخا عريقا في التراث والفنون والحضارة المعمارية يرجع إلى حقبة ما قبل الميلاد ولا بد من تضافر الجهود لحمايتها في زحمة الحياة الحديثة والانفتاح الاقتصادي والرواج السياحي. وتؤكد تلك الدوائر أن المحافظة على عادات المجتمع وتقاليده أمر واجب ووطني ومن هذا المنطلق تقدم التراث بأسلوب علمي مقبول إدراكا منها بأهمية تعزيز الهوية الإماراتية ونشر الموروث الإماراتي بين جميع الزائرين والمقيمين حيث تعرضه وتعرفهم عليه عن قرب وبصورة صحيحة وتسخر وسائل الإعلام لهذه الغاية بكل أدواته وأشكاله، وانشأت هيئات حكومية متخصصة للعناية بشؤون التراث والمحافظة عليه وممارسته بأسلوبه الصحيح في نمط الحياة اليومي وأقامت المتاحف والمعارض من وحي الماضي الأصيل. وتبرز المؤسسات والدوائر المختصة الهوية الوطنية الإماراتية من خلال ممارسة العادات والتقاليد المحلية أمام السياح خاصة كرم الضيافة العربية والاحتفاء بالضيف من تقديم القهوة والتمر بالإضافة إلى اعتبار أن الزي الإماراتي التقليدي هو بمثابة الميزة التي لا يزال الشعب الإماراتي محافظا عليها من خلال الشكل السائد لملابس الرجل والمرأة والحلي التي تتزين بها النساء في المناسبات وإن دخلت عليها بعض مظاهر الحضارة والتطور إلا أنها لا تزال تحتفظ بهويتها التراثية الوطنية خاصة ما تعكسه من ثقافة الاحتشام .. ولطالما رغب السياح في التقاط صور تذكارية لهم وهم يرتدون اللباس الإماراتي الوطني للنساء والرجال. ومن العادات الحميدة التي حافظ على ممارستها الإماراتيون التحية وهي " المواية بالخشم " أي إلقاء التحية والسلام بملامسة الأنف وهي من العادات العربية العريقة والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ وهي تمارسها كثير من شعوب العالم الأخرى بنفس الطريقة على سبيل المثال لا الحصر شعب استراليا الأصليين وهي عادة تدل على العزة والكبرياء والقوة عند العرب لأن الأنف جزء بارز من وجه الإنسان ويوجد في الوسط وفي أعلى جسم الإنسان ولهذا ضرب به المثل في الشموخ والعزة . ويحرص الإماراتيون على الاحتفال والمشاركة في المناسبات الوطنية مثل الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني من كل عام وإحياء ذكرى النصف من شعبان بالإضافة إلى توزيع العيدية على الأطفال خلال مناسبات الأعياد ويتواجد الشباب بكثافة في العديد من المسابقات والبطولات الرياضية المحلية والدولية والمعارض الداخلية والخارجية. وتشارك فرق الفنون الشعبية في كل المناسبات والاحتفالات وتستعرض أنواعا عدة من الفنون الإماراتية الأصيلة جميعها تعكس حياة أهل الإمارات بلغة فنية وترفيهية راقية تعتمد على الحركة والايقاع وتستعين بالآلات الموسيقية التقليدية الموجودة داخل الإمارات والتي تستخدم في كل الأغاني التراثية. وتنشط في الإمارات العشرات من جمعيات الفنون والتراث الشعبي والتي تهدف إلى خدمة التراث الشعبي المحلي وربط شرائح الشباب بتراثهم وفنونهم الشعبية وماضي الآباء والأجداد. وتعتبر جمعيات الفنون والتراث الشعبي أحد أهم أوجه الموروث التراثي وتربط الماضي بالحاضر للمحافظة على التراث الشعبي وحمايته من الاندثار والعمل على تناقله بين الأجيال. وتشارك دوائر السياحة والتراث والكثير من المؤسسات على مستوى الإمارات في العديد من المعارض الخارجية وورش العمل التي تنعقد في مختلف أنحاء العالم، لنقل التراث الإماراتي بأبهى صوره للعالم. تابعوا فكر وفن من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :