في سوريا طبقة أفرزتها الحرب تعيش في كوكب آخر!

  • 11/22/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

10 سنوات مرت على الحرب في سوريا، نار أهلكت الأخضر واليابس، قتلت وشردت وهجرت وجرحت، وبقي الخاسر الأكبر فيها هو الشعب السوري الذي ضاق ذرعاً مما عاشه خلال تلك الفترة. ومثلها مثل أي حرب في التاريخ، أفرزت فترة الاضطرابات هذه فئة اجتماعية لم تكن معروفة قبل، وبينها من قيل عنهم إنهم أغنياء حرب، وهم نخب تتجنب العقوبات الأميركية التي باتت تلاحق كل من يرفع رأسه. فبين الحين والآخر، تواصل الولايات المتحدة سياستها القائمة على تشديد العقوبات على سوريا سواء شملت أفراداً أم كيانات، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة تعالت أصوات كثيرة تقول إن ثقل العقوبات هذه بات يعود على السوريين من عامة الشعب أكثر ممن تطالهم العقوبات. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، تعيش سوريا حالة فوضى، فارتفاع أسعار الدولار أمام سعر صرف الليرة السورية بات مهلكاً للناس الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية."لم تكن معروفة" وأمام هذا التضخم، تجد طابوراً قبل أسابيع، كان ظهر في وسط العاصمة دمشق لشراء جهاز iphone الجديد والذي يعادل سعره راتب موظف سوري لـ 8 سنوات، وذلك لأن الحرب في سوريا أفرزت طبقة لم تكن معروفة في السابق، وأصبح الاقتصاد السوري في حالة خراب، إلا مزيجاً من التحايل على العقوبات قد يفيد بالغرض. وهناك من يقول إن الشعب المنهك يقف في كفة تقابله فيها شلة من مقربي النظام ينعمون بكل وسائل الرفاهية. وأيضا يوجد من يقول إن طوابير البنزين التي خلفتها الأزمة خلال الأشهر الماضية لا تطبق على الجميع، إذ إن هناك "سيارات خارقة" تملأ خزاناتها بسرعة البرق بغض النظر عن السعر."لا تلمس أحداً من الأسد وحاشيته" كذلك، تتعالى أصوات من الداخل تشكو من أنه لا رئيس النظام السوري ولا حاشيته يتأثرون بما يحدث على الأرض جراء تدهور الاقتصاد، لأن ضرر ذلك يعود على العامة فقط، فطبقة التجار مع كل موجة عقوبات جديدة تفرض على الناس شروطاً تعجيزية حتى باتت أبسط مقومات الحياة غير متوافرة، بينها الوقود، والكهرباء، التي أثرت بدورها على توافر الخبز في البلاد. وعن هذا الموضوع، أفاد الأستاذ في علم الاجتماع زياد الحاج، مواليد دمشق والمقيم في القاهرة، لـ"العربية.نت"، أن هذا الجو المشحون الذي تعيش فيه سوريا خصوصاً مع قدوم فصل الشتاء وانعدام مقوماته، يخلق حالة احتقان كبيرة، لأن الوضع السيئ لا يعم على كافة أفراد الشعب، مشيراً إلى طبقة معينة أفرزتها الحرب في سوريا تعيش اليوم وكأنها في كوكب آخر. لم تعد اقتصادية فحسب! كما أكد الحاج أن الأزمة لم تعد اقتصادية فقط، بل تحولت إلى أزمة اجتماعية، فضيق الحال قد لا ينذر بالخير أبداً. ونوّه بأن سوريا صامدة حتى اليوم في أنها لم تتحول إلى دولة تملؤها الجريمة بالمعنى الحرفي، لأن كل منزل تقريباً يملك خارج القطر قريباً يرسل له ما يكفيه شهرياً أو ما يساعده على المعيشة. ولولا أموال المغتربين بحسب تعبير أستاذ علم الاجتماع، لكان الوضع أسوأ مما هو عليه حالياً بكثير. وعن طبقة أغنياء الحرب هذه، لفت الحاج إلى أنها فئة طبيعية الظهور، ففي أي بلد تجتاحها حروب أو اضطرابات يكون هناك من يستفيد منها ويظهر فجأة، إلا أن المخيف بالأمر أن تتطور الأمور عما هي عليه حاليا، فانعدام مقومات الحياة في سوريا خصوصا الكهرباء وعجز النظام عن فعل أي جديد مفيد ينقذ الوضع لا ينذر بالخير أبداً، متوقعاً أن أمام سوريا خلال الفترة القادمة شهوراً قليلة لتشهد انفجارا شعبياً واسعاً لم تشهده من قبل، خصوصاً لو "كنز التحويلات" أي أموال المغتربين الداعمة هذه قد توقفت لسبب معين، كما حدث خلال أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد حين فقد الملايين وظائفهم حول العالم. انعدام أبسط مقومات الحياة يشار إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يفرضون عقوبات اقتصادية مشددة على دمشق، كان آخرها حزمة فرضتها واشنطن بموجب قانون قيصر في يونيو/ حزيران الماضي وتعد الأكثر شدة بحق سوريا. ووسط هذه الأوضاع، بات السوريون يعانون بشكل كبير بسبب انعدام أبسط مقومات الحياة من كهرباء وغاز ومياه ووقود إلى أن أتت أزمة فيروس كورونا المستجد وزادت الطين بلة، وسط شلل تام لإجراءات تذكر من حكومة النظام.

مشاركة :