قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن الكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي يعتمد في تمويل موازنته العامة بنسبة 90 بالمئة على إيرادات النفط منذ نحو 60 عاماً، وسعر برميل النفط الكويتي انخفض من 107.33 دولارات لمعدل شهر أبريل الفائت، أي بداية السنة المالية الحالية 2022-2023، إلى معدل 79.21 دولارا منذ بداية يناير الجاري وحتى الأربعاء الفائت، أي فقد نحو 26.2 بالمئة. وأضاف «الشال»: الكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي ستخرّج مؤسساته التعليمية نحو 100 ألف شابة وشاب خلال السنوات الأربع القادمة، ولا تعرف كيف توفّر لهم وظيفة ولا حتى سعة مكانية إن توافرت وظيفة اصطناعية، وليس ضمن اهتمام إدارتها العامة رؤى لما يمكن أن يسببه ذلك من ضغوط اجتماعية وسياسية ومالية خلال تلك الفترة، فضلا عن ضغوط المستقبل الأبعد غير المحتملة. وبيّن «الشال» أن اهتمام إدارتها العامة هو شراء الولاءات، ولا بأس لو كان ذلك يحّمل متخذي تلك القرارات بعض التكلفة المالية، لكنها عبارة عن سرقة ظالمة على حساب مستقبل صغار البلد، وهم الأكثرية، وسرقة حقوق كل أجيالها القادمة، ونعتقد أن الحكومة استهلكت حتى الآن ما يفوق 4 مليارات دينار في شراء استمرارها، توزعت بين مكافآت الصفوف الأمامية وشراء الإجازات وتأجيل أقساط القروض ومنح المتقاعدين ومعاشات استثنائية ومضاعفتها لوزرائها وغيرها، استنزاف فشل في ضمان استقرارها، وسلّم مهمة تكملة الاستنزاف لبعض النواب. وقال: في مقابلة لرئيسة صندوق النقد الدولي، قبل نحو أسبوعين، تكلمت عن توقعات متشائمة لمراكز ثقل الاقتصاد العالمي الثلاثة الرئيسية، أي الولايات المتحدة وإن كانت الأفضل، والاتحاد الأوروبي، والصين، وهي اقتصادات ضخمة منوعة في مصادر دخلها، وتنصحها بالحرص على تنمية إيراداتها العامة وترشيد حقيقي لنفقاتها العامة تحسباً للمستقبل المضطرب، وكرر التوقعات والمحاذير نفسها البنك الدولي الأسبوع الفائت. برميل النفط الكويتي فقد نحو 26.2% من قيمته مقارنة ببداية السنة المالية وأخطأت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة في تبني سياسات مالية منفلتة، وصفتها رئيسة صندوق النقد الدولي يومها، بأنها جعلت بريطانيا عربة بقيادتين، إحداهما تضغط بشدة على دواسة الوقود، والأخرى تدعس بشدة على المكابح، ولم يدم منصبها سوى شهر واحد. وأوضح «الشال» أن الاقتصادات الرئيسية المضطربة هي المحرك الحقيقي للطلب على النفط، ومع ما قد يتسبب فيه ضعف نموها من ضغوط على أسعار الأصول المالية، ومع هجمة انتقامية أوروبية على النفط بدأت مع الحرب الروسية - الأوكرانية، تبقى الكويت ذات الاعتماد الكلي على النفط تتصرف باقتصادها وماليتها العامة كما لو كانت تعيش في كوكب آخر، وحتى أنها تعيش حالة إنكار لواقعها قبل سنتين فقط. وأضاف: شابات وشباب قادمون بلا ضمان لوظيفة في سوق عمل مستدام، وبمستوى تعليمي متخلف سنوات عن التعليم العادي وليس التعليم الحديث المتميز، بما يحرمهم التنافس على فرص العمل في مواقع أخرى، ومشروع إسكاني غير مستدام، وخدمات صحية عامة باهظة التكاليف، والكل يبحث عن بديل لها، وبنى تحتية مهترئة، وفساد مستشرٍ، كلها قضايا تحتاج إلى معارك، بينما معركة الإدارة العامة في الساحة الخاطئة تماماً. ومن أجلهم، شابات وشباب، يفترض ألا تكون ساحة المعركة التنافس على اقتسام الثروة، وإنما توظيفها لضمان استقرار وانتفاع كل أجيالها بعدالة، وضمان استدامة الوطن، وهو الكيان الثابت، وكل ما عداه مؤقت. وشدد «الشال» على أن صلب المشكلة في الكويت هي الإصرار على ثبات تشكيل الحكومات نهجاً، أي جينات ومحاصصة، وتلك حكومات عاجزة عن تحقيق إنجاز يضمن استمرارها وشعبيتها، ولا تملك سوى فتح باب شراء الدعم والولاء، وهو ما لم ولن يتحقق، لكنه يفتح الباب على مصراعيه شعبوياً، وعندما تصبح مخاطره غير محتملة، لا تملك القدرة على المواجهة. وأردف: المحزن هو أن الحديث حول هذا الموضوع يفقد كل معناه لو لم يكن هناك أمل في إصلاح حقيقي، بينما واقع وفرة الرؤى والموارد والتجربة التاريخية للكويت، كلها تؤكد أن الاستدامة وربما التفوق لا يزالان في متناول اليد، واستمرار نهج الاقتسام يفقده الكثير من فرص النجاح، ويرفع كثيراً من تكلفته إن قررنا - متأخراً - سلوك طريقه.
مشاركة :