الخرطوم عاصمة المتناقضات والأسئلة الوجودية، العاصمة التي قهرت أعتى الديكتاتوريات ولا يزال يقهرها الاقتصاد، وهي اليوم تئن تحت سياطه، وترقص عروسا ندية مغسولة الجسد في ختام أيام الخرطوم الشعرية، التي نظمها بيت الشعر السوداني، واستضافت عددا من الشعراء العرب. وللخرطوم تاريخ طويل في محبة الشعر، فحتى الثورة والتاريخ والسياسة هنا أسهم الشعر في صناعتها. وقال دكتور صديق عمر الصديق، مدير بيت الشعر بالخرطوم، إن الشاعر الكبير نزار قباني أكد أن الشعب السوداني ينتظر الشعر كما تنتظر الحسناء حبيبها على الشرفات. والشعر الذي ظل عبر التاريخ ديوانا للعرب منح السودان سمة الحكمة فأطلق على الشاعرات المحليات حاكمات، أما الشعراء الذين تغنوا بالحرية وبشروا بدولة المواطنة والعدالة ضيق عليهم بالسجن. وأيام الخرطوم الشعرية استطاعت أن تجمع شعراء من أصقاع الوطن العربي المترامية لتشكل عصفا ذهنيا تختلط فيه الحبيبة بالوطن وتبقى القضية حية في جذوة الشعر التي تحمل نبوءة الغد.
مشاركة :