تحقيق إخباري: مهنة الساعاتي في بغداد تتجه نحو الاندثار

  • 11/26/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حرفيون امتهنوا تصليح الساعات وتوارثوا المهنة من ابائهم واجدادهم، حفلت بهم أسواق بغداد لسنوات طويلة وأطلق عليهم سكانها اسم (الساعاتي) اعتدنا مشاهدتهم في الاسواق التجارية والمحال المنتشرة بشوارع بغداد القديمة، الا أن هذه المهنة بدأت تنحسر بشكل كبير وتتجه نحو الاندثار لولا جهود بعض العاملين فيها الذين أصروا على ادامة هذه المهنة. وفي سوق هرج بمنطقة الميدان وسط بغداد يسابق الساعاتي، علي محمود الزمن للحفاظ على المهنة التي ورثها عن ابيه بعد ان اصبحت مهددة بالاندثار بفعل التطور التكنولوجي وندرة الادوات الاحتياطية للساعات القديمة ورخص أسعار الساعات الحديثة المستوردة. وقال محمود الذي يدير محلا لتصليح الساعات القديمة في سوق هرج وسط بغداد، لوكالة أنباء (شينخوا) وهو يجلس وسط كم هائل من الساعات من مختلف الموديلات والمناشئ، "ورثت المهنة عن والدي الذي عمل في هذه المهنة في اربعينيات القرن الماضي". وأضاف أن محلات تصليح الساعات كانت تنتشر بكثرة في منطقة الميدان ومناطق أخرى في بغداد، اذ كانت ثقافة ارتداء الساعة او اقتنائها للمنزل سائدة والعمل في محلات تصليح الساعات متواصل، ألا أن المهنة بدأت تعاني من صعوبات كبيرة نتيجة قلة الادوات الاحتياطية للساعات، والتطور الحاصل في الاجهزة الحديثة وتوفر الساعات في أجهزة الموبايل وغيرها من الاجهزة الحديثة. وتختلف أنواع الساعات التي يقوم محمود بتصليحها، ألا أنه لا يخفي وجود بعض المعاناة في توفير قطع غيار أصلية لساعات نادرة، وغالبا ما يضطر إلى انتزاع محركات ساعات قديمة للاستفادة منها كقطع غيار، مؤكدا "أضحي في بعض الاحيان بساعة أو ساعتين من أجل تصليح ساعة واحدة". ونتيجة للتطور التكنولوجي المتسارع فقد أصبح عمل تصليح الساعات في الوقت الحالي يعتمد بشكل اساسي على الساعات التي يجلبها تجار الانتيكات وبعض الناس وخصوصا من كبار السن. وأوضح محمود أن هناك اقبالا من قبل المواطنين على الساعات القديمة لاستخدامها كأنتيكات في منازلهم وبمختلف انواعها الجدارية والمنضدية وساعات الجيب والساعات اليدوية، لذلك اصبح عملنا يعتمد على تصليح الساعات القديمة، ولدي في المحل ساعات تعود صناعتها إلى أكثر من 100 عام. وأكد أن مهنة تصليح الساعات تتجه للاندثار ولكننا نحاول الابقاء عليها، وانا اقوم حاليا بتدريب ابني الذي لديه هواية وحب للعمل في مجال تصليح الساعات وهي مهنة الاباء والاجداد وفيها مسحة تراثية ما زالت تجذب المهتمين، لافتا إلى أن إغراق الأسواق بالساعات المقلدة رخيصة الثمن خطر أخر يهدد مهنة تصليح الساعات في بغداد ويعجل من اندثارها. وقال محمد حسن شكاره مصلح ساعات بمنطقة الميدان وسط بغداد لـ(شينخوا) "يستورد التجار حاليا ساعات رديئة النوعية ورخيصة الثمن وهذا الأمر أثر بشكل كبير على عمل مصلحي الساعات لأن تصليح الساعة أصبح أغلى ثمنا من شراء ساعة جديدة. وأضاف أن الساعات المقلدة منتشرة في الاسواق وباثمان زهيدة في كثير من الأحيان، وهو ما انعكس سلبيا على مهنة تصليح الساعات اذ ان الساعة التي يشتريها الزبون بألفين او ثلاثة الاف دينار تؤدي الغرض (الدولار الأمريكي الواحد يعادل نحو 1200 دينار)، فيما تكون كلفة تصليحها أكثر من خمسة آلاف دينار مما يجعله يعزف عن تصليحها ويفضل شراء ساعة جديدة وبثمن اقل. وتابع شكاره، أن منطقة الميدان، كانت فيها سوق خاص لتصليح الساعات وبيعها، الا أن هذا السوق بدأ يتجه نحو الاندثار ومن مجموع اكثر من 20 محلا لم يتبقى الا محلين اثنين. وأشار إلى أنه يعمل في مجال تصليح الساعات منذ أكثر من 40 عاما وهو متخصص في الساعات ذات المناشئ العالمية، مبينا أن بعض زبائننا القدماء الذين يمتلكون الساعات السويسرية الأصلية، يأتون الينا بين الحين والحين، وكذلك تجار الانتيكات، الأمر الذي يدفعنا للبقاء في هذه المهنة التي تتلاشى مع مرور الأيام. واعتبر فالح ابراهيم (45 عاما) أنه أصبح من الصعوبة اليوم العثور على محل لتصليح الساعات وخصوصا ذات المناشئ العالمية القديمة لقلة هذه المحلات، مبينا أنه جاء من منطقة العامرية غربي بغداد إلى منطقة الميدان لتصليح الساعة التي أهداها له والده قبل نحو 20 عاما وهي سويسرية الصنع ويعتز بها كثيرا.

مشاركة :