لماذا الإلحاد حليف أتباع د.عدنان إبراهيم؟

  • 11/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال د. محمد الغزالي طيب الله ثراه :{ هناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته ويبلغ الحق أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول}. كلمات صادقة تترجم واقعنا المرير، الذي أصبح فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر، يترجم ما نحن عليه الآن من تباينٍ في الأراء والمعتقدات جعلت الناس يحتارون في أمر دينهم الذي غدا مطية لكل من هب ودب. فظهر لنا الغث والسمين من الدعاة يصعب تميزهم. ويغدو الأمر أكثر حيرةً عندما يكون الدعاة ذو حجة ومنطق يستحوذون جزء من انتباهنا، مثل د.عدنان إبراهيم الذي ملء الدنيا بصياحه في ساحات التواصل الاجتماعي ومقاطع اليوتيوب يأتينا بالعجائب. تابعت محاضراته بشغف في باديء الأمر، اسلوبه المتميز في الإلقاء وثقافته الواسعة في شتى العلوم، جعلت منه متحدث لبق يجيد الإقناع، فضلاً عن قدرته في الحفظ وسرعة استرجاع المعلومة من بواطن عقله التي أعطته متانة في الطرح. وما أن استمعت لرأي د.إياد قنيبي حتى اختلف الأمر ورأيت أن أُسلط الضوء عليه أكثر وأزن أفكاره بمورثنا الديني وأحذر من الإنجرار وراء أفكاره المتوهة. عدنان إبراهيم ينقل نظريات الإلحاد وتبريراتها وكأنه يؤيد ذلك. تبريرات تقود إلى نفي ربوبية الله في الكون والخلق، ويعلل لفكرة نظرية الصدفة في التخلق الكوني، لعدم كفاية أدلة مادية للربوبية الكاملة من وجهة نظره. فلسفة تفضي إلى هرطقات تلغي وجوب الإيمان بالغيبيات التي هي أحد أسس الإيمان بالله، ويخوض في المناطق الرمادية دونما توجس من انزلاقه في المحذورات. لا يُعرف غايته من كل ذلك، ولا نستطيع جزم حقيقة أمره إن كان هو مقتنعا بما ينقل. لربما هو يبحث عن الشهرة متخذاً له مبدأ "خالف تُعرف"، يسبح عكس التيار ويخالف ما أجمع عليه علماء الدين الربانيين، رغم استشهاده ببعض أفكارهم وتأيدها تأيداً مطلقاً. ولكنه مع ذلك يتبنى نظرية داروين التي تنص على تطور الخلق من نطفة. لو إقتصر حديثه على هذه النظرية لكان للموضوع فيه أخذٌ وعطاء، ولكن أن يناقش فكرة إنكار خِلقة الله على مخلوقاته فذلك تعديٍ صارخٍ يخرج من الملة. قال الله تعالى: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .. سورة الذاريات الآية ٤٩ .. فقد حسم الله الأمر وقطع الطريق عليه وعلى أمثاله، ولا أعلم كيف فاتته هذه الآية رغم أنه حافظٌ لكتاب الله، ترك البينة وذهب وراء فلاسفة التخريف وقاصري الإدراك الذين حاولوا فلسفة نفي وجود للخالق، وتبني نظرية الصدفة وتَشكُّل المخلوقات من تلقاء نفسها، مع أن الله ذكر ما يدحض تلك النظريات في قوله :{ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }..السجدة... الآية ٧. وأردف د.إياد قنيبي قائلا :"أن د.عدنان إبراهيم إعتاد على صنع هالة وهيبة للعلماء الغربيين الذين يستشهد بهم وبنظرياتهم، حتى يهيء نفسية المتلقي على قبول الإستدلالات الواردة في مؤلفاتهم، ليَسهل عليه إقناعهم". ويقول جان روسو صاحب كتاب "دين الفطرة" عن الفلاسفة الذين يستشهد بهم عدنان إبراهيم :"إن نظرت في حججهم وجدتها لا تصلح إلا للهدم. إن تعد الأصوات تلق أن كل واحد منهم لا يحظى إلا بمساندة صوته الخاص. قاسمهم المشترك الجدل، فلم أجد لديهم ما ينقذني من الحيرة"، هذه كلمات فيلسوف عزف عن الفلاسفة ولا زال عدنان إبراهيم يتشدق بنظرياتهم القاصرة . د.عدنان إبراهيم بين شد وجذب، يرى أن التطويرين على صواب وأقرب للواقع عن غيرهم، فيعلل لنظريتهم في أن الكون وجد بمحض الصدفة دون تدخل إلآهي، تناقض غير منطقي دليل على أن فلسفته أخذته إلى مزالق ستكون عليه وبالاً، ولا سيما قبوله لمنطقية نظريات العلماء الملحدين، وكأن تساؤلاتهم على حق، وفي جانبٍ آخر يرى د.عدنان إبراهيم بأن الملحدين إحتاروا في وجود خالق وأن المعطيات العلمية أعطتهم دلالة واضحة، بأن الدنيا تكوّنت صدفة ولا وجود لخالق، متجاهلا بذلك قول سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم :{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)}..فصلت وهنا تأتي الطامة الكبرى لعوام الناس في إرباكهم وزرع الشكوك في نفوسهم، وتركهم عرضة للتجاذبات الفكرية والاستهانة بالموروثات الدينية، وفتح باب الانتقاد على مصراعيه للآيات التي تُذّكر بعظمة صُنع الله، طالما أن الدنيا والمخلوقات جاءت بمحض الصدفة، ولم تأتي من خلال نظام كوني متقن كما ندعي نحن المؤمنين المتخلفين، من وجهة نظرهم. والأدهي والأمر التقليل من دور علماء الملسمين والتبجيل بعلماء الغرب، متناسياً دُور الأبحاث العلمية لدى الغرب تعج بهم في شتى المجالات العلمية والصناعية، وهو لم يألو جاهدا بالبحث والتنقيب عنهم. علماء يستطيعون دحض نظرياته الواهية، التي تناقض في المقام الأول الشواهد العلمية والبحثية، التي إنكب عليها الغرب استدلالا لبعضها من القرآن، ولكن على ما يبدوا أنه تقوقع مع النظريات القديمة، التي تحتاج إلى مراجعة بحثية من خلال أدوات قد يجهلها هو نفسه. لماذا لم يراجع كُتب التراث في طب العيون والرياضيات والجبر، أليس مَن أسس ذلك هم علماء مسلمين. بل أنه يتحدث في نهاية المطاف عن سماعة هاتفه وأن من صنعها الغرب وليس للمسلمين دَوراً في ذلك، ونسي أنه تغنى بـ د.غادة المطيري منذ فترة ليست بالبعيدة، التي إخترعت جسيمات متناهية الصغر امكانية تحريكها داخل جسم المريض، لتتخذ أوضاع مختلفة يمكن الاستفادة منها لعلاج المرضى دون الحاجة لمشرط الجراح. والأهم من كل ذلك أنه تناسى تماما بأن أحد أسس العقيدة الإسلامية الإيمان بالغيب، والإيمان المطلق بالله، وما أُشكل على الخليقة الآن قد يفتح الله عليهم ويكشف ما هو بالضرورة. البحث جميل والنقاش يثري، ولكن ليس لإنكار الشيء، بل للتثبت وقطع الطريق على الوساوس. ويجب أن ندرك تماما ويقينا ما جاء بين دفتي القرآن العظيم هو الحق وليس من صنع البشر أو الجن، ويجب أن نؤمن به إيمانا كاملاً.

مشاركة :