خلال الفترة ما بين 1961 و1992، كانت إحدى أشهر جامعات موسكو تحمل اسم باتريس لومومبا، وهو بطل الاستقلال الكونغولي الشهير، الذي كان يحظى بدعم كبير من الاتحاد السوفييتي إلى حين إعدامه الوحشي عام 1961. واحتوت جامعة لومومبا وعلمت أجيالاً من القادة الأجانب، خصوصاً القادة الأفارقة، وكانت واحدة من طرق عدة يقوم بها الاتحاد السوفييتي لتعزيز علاقاته مع القارة الإفريقية. ولكن مع سقوط الاتحاد السوفييتي، بعد سنوات من ضخ مبالغ كبيرة، وإرسال الأسلحة والخبراء إلى الحركات اليسارية المناوئة للاستعمار، اختفى الآن الوجود الروسي، وجامعة لومبومبا، بسرعة مباغتة. ولكن في هذه الأيام وبعد مرور عقدين من الزمن، يبدو أن روسيا تعمل من جديد لإيجاد موطئ قدم لها في القارة السمراء. وتبدو المصالح الروسية في إفريقيا متعددة. وبالنظر إلى العقوبات الاقتصادية التي تحظر التجارة مع الغرب، تصبح إفريقيا وبصورة متزايدة فرصة استثمار شهية. وفي الوقت ذاته، فإن دول إفريقيا التي يصل تعدادها إلى 54 دولة، تمثل فرصة سياسية للتخفيف من العزلة التي تعاني منها روسيا، وتؤسس دعماً لمواقف روسيا في الأمم المتحدة. وفي نهاية المطاف، فإن ظهور روسيا في القارة الإفريقية يمنحها الصدقية في جهودها، لاستعادة وضع الدول العظمى في العالم. وعلى الرغم من أن إعادة انخراط روسيا في السياسة العالمية لايزال محط تساؤل، إلا أنه يصبح تدريجياً من الصعوبة بمكان تجاهلها. وحسب مدير مركز أتلانتيك الأميركي، الذي يعنى بالشؤون الإفريقية، بيتر فام، فإنه في الفترة ما بين عامي 2000 و2012 تزايدت تجارة روسيا مع إفريقيا 10 مرات. واستثمرت روسيا بقوة في مصادر المواد الخام، وأقامت مشروعات جبارة، ووقعت اتفاقية مع أوغندا بقيمة أربعة مليارات دولار في فبراير الماضي، لبناء وتشغيل مصفاة للنفط الخام، كما وقعت اتفاقية مع زيمبابوي بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتطوير منجم للبلاتينيوم. وكان من الجلي أن الكثير من هذه العلاقات التجارية تفوح منها رائحة السياسة الصرفة. والمعروف أن روسيا هي مزود كبير وأساسي للسلاح لدولة شمال وجنوب الصحراء الكبرى. وبات السلاح الروسي وبصورة متزايدة بديلاً جيداً للسلاح الأميركي، الذي لايزال يسيطر على السوق على الرغم من ارتفاع أسعاره السياسية والمالية.
مشاركة :