ما زالت قصة الفتاة غيتا في باكستان تتصدر عناوين الصحف الرئيسية، ومنذ عدة شهور. ليست هناك صحيفة أو قناة إخبارية باكستانية لم تعرض تفاصيل قصة الفتاة. وغالبا ما تتصدر قصتها الصفحات الأولى. وقام كبار الصحافيين والكتاب بزيارة الفتاة غيتا في دار الأيتام وحاولوا مقابلتها. وأخيرا وليس آخرا فقد تحولت قصتها إلى عمل سينمائي، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأربعاء (19 أغسطس / آب 2015). يقول أحد خبراء الإعلام من باكستان بعد إصدار الفيلم الهندي فيلم (باجرانغي بهايجان)، تحولت الفتاة غيتا إلى شخصية مشهورة في باكستان. وقام المفوض السامي الهندي إلى باكستان، الدكتور تي سي إيه راغافان وزوجته في 4 أغسطس (آب) 2015 بزيارة هذه الفتاة الهندوسية المصابة بإعاقة جسدية وتقيم في إحدى دور الأيتام في مدينة كراتشي. كانوا يريدون أن يقفوا على قصة الفتاة بصورة مباشرة والتي كانت تعيش في دار الأيتام خلال السنوات العشر الماضية. انتقلت تلك الفتاة للحياة في دار الأيتام قبل عشر سنوات حيث وصلت هناك من مدينة لاهور. ويعتقد على نطاق كبير أنها عبرت الحدود الهندية الباكستانية ووصلت إلى لاهور سيرا على الأقدام. لا يعرف أحد القصة الحقيقية وراء الفتاة غيتا الهندوسية التي تقطن دار الأيتام، إذ إنها تعاني من اضطرابات في السمع وضعف في الكلام. والشيء الوحيد الذي تعلمه إدارة دار الأيتام عنها هو أنها جاءت إليهم من لاهور. ومن واقع إشاراتها الجسدية أدركت إدارة دار الأيتام أنها ليست مسلمة. فقد كانت تلمس جبينها بيديها وكأنها تضع التيلاك (الإشارة الدينية التي يعتمدها الهندوس). ثم، وبنفس الطريقة، كانت تؤدي طقوس الآرتي (طقوس دينية هندوسية) من خلال تحريك يديها في الهواء. فكان من الواضح أنها هندوسية وليست مسلمة. كان يمكن لقصة الفتاة غيتا أن تمر مرور الكرام مثل قصص مئات الهنود (والباكستانيين كذلك بالنسبة لذلك الأمر) الذين يضلون طريقهم عبر الحدود إلى داخل باكستان. فبعض منهم يجري إعادته إلى الهند بعد الوقوف على هويته، بينما يقبع الآخرون في السجون الباكستانية لسنوات. ورغم ذلك، اتخذت قصة الفتاة غيتا مسارها الصحيح عندما أصدرت صناعة السينما الهندية فيلما ناجحا للغاية بعنوان باجرانغي بهايجان أو (باجرانغي، الأخ الأكبر)، والذي يعتبر مماثلا تماما لقصة الفتاة غيتا الحقيقية. وفي حين أن غيتا من المفترض أنها فتاة هندية، والتي بعد أن ضلت طريقها وعبرت الحدود الباكستانية تلقت المساعدة من بعض عمال الإغاثة الباكستانيين، فإن سيناريو فيلم باجرانغي بهايجان الهندي يحكي قصة الفتاة موني التي تضل طريقها عبر الحدود الهندية ويعثر عليها عامل إغاثة هندي ويساعدها في العثور على عائلتها في الجزء الباكستاني من إقليم كشمير. التقى المفوض السامي الهندي بالفتاة غيتا في دار الأيتام على انفراد وبعيدا عن وسائل الإعلام والصحافة. ولم يكن أحد حاضرا ذلك اللقاء إلا إدارة دار الأيتام. عرض الدكتور راغافان على الفتاة الهندوسية غيتا بعض الخرائط والصور للهند حتى يمكنها الإشارة إلى المنطقة في الهند التي جاءت منها. قد تلاشت الذكريات من الفتاة غيتا بعد عشر سنوات بعيدا عن وطنها ولم تكن قادرة على تحديد مكان إقامتها في الهند. بعد اللقاء صرح المفوض السامي لوسائل قائلا لسوف أفعل كل ما بوسعي للعثور على والدي وأقارب الفتاة غيتا في الهند. يقول بلقيس إدهي صاحب ومدير دار الأيتام للصحافيين الزائرين إن غيتا تعتقد أنها تنتسب إلى عائلة ثرية في الهند وذات يوم سوف يعود والداها ويرجعون بها إلى الهند، الآن، تذهب إلى المعبد يوميا وتؤدي الصلوات. كما أنها تتحدث إلى عبر الإشارات اليدوية. لقد فكرت في الزواج بها هنا في باكستان. ولكن كلما اقترحت ذلك عليها من خلال إشارات احتفالية سيندور - دانا الهندوسية، تلوح بيديها بعيدا عني. ثم، ترفع يديها عاليا إلى السماء في إشارة إلى الطائرة إلى الهند، ثم تلوح بإشارة احتفالية السيندور والفيراس (وهي الاستدارات السبع التي تفعلها العروس والعريس حول النار في طقوس الزواج الهندوسية). هناك اعتقاد شائع في إدارة دار الأيتام بأن الفيلم الهندي يقوم على قصة الفتاة غيتا، حيث يقول فيصل إدهي، أحد مديري دار الأيتام إن فيلم بوليوود الأخير باجرانغي بهايجان يعتمد في قصته على نفس قصة الفتاة غيتا. ويضيف إدهي أيضا أنه كان على اتصال بالكثير من الهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في الهند ولفترة طويلة حتى الآن. ولقد أخبرهم بقصة الفتاة غيتا في سعيه للعثور على والديها أو أقاربها، ولكن من دون جدوى. بطريقة أو بأخرى، كما يقول، التقطت القصة من خلال تلك المنظمات من جانب العاملين في صناعة السينما الهندية، والذين حولوها إلى فيلم روائي. والبطلة الحقيقية للفيلم لا تزال تعيش في باكستان تحت اسم غيتا. ووفقا لفيصل، بعض عمال الإغاثة حاولوا استغلال قصة غيتا لتحقيق شهرة ذاتية. حقق فيلم باجرانغي بهايجان إيرادات غير مسبوقة في كل من باكستان والهند. ففي الهند، حقق الفيلم إيرادات بأكثر من 300 مليون روبية هندية. وفي باكستان، كان الفيلم أكثر نجاحا من أي فيلم آخر عُرض من قبل شركات الإنتاج السينمائي المحلية. ووفقا إلى نديم مانديوالا، فإن فيلم باجرانغي بهايجان كان دوما في المقدمة، حيث حصد 3.2 مليون روبية حتى الآن، ووراءه فيلم بن روي الذي حقق 2.8 مليون روبية، ثم فيلم الرقم الخاطئ الذي حقق 2.7 مليون روبية في صالات مانديوالا للعرض السينمائي في كل من كراتشي وإسلام آباد. يعد فيلم باجرانغي بهايجان فيلما كوميديا هنديا من إخراج المخرج الهندي الشهير كبير خان وكتب له السيناريو فيجايندرا براساد، وأنتجه سالمان خان. ويقوم بدور البطولة في الفيلم سالمان خان وهو أشهر وأغلى ممثل هندي. ولقد برز الفيلم بأنه أشهر وأنجح الأعمال الفنية للمثل سالمان خان حتى الآن ولقد حطم كل الأرقام القياسية في شبابيك التذاكر الهندية وفي الخارج. يلعب سالمان خان دور رجل مغفل وجرئ وصادق، ولكنه عامل إغاثة هندوسي محافظ، الذي، وفقا للتعاليم الدينية التي نشأ عليها، لا يتناول أي نوع من اللحوم. ثم يعثر على الفتاة الباكستانية موني في احتفالية دينية ثم يضطلع بمهمة إعادتها إلى أسرتها في باكستان. ويترافق من خلال أحداث الفيلم مع صحافي باكستاني، وذلك بعدما شكت فيه الشرطة الباكستانية خشية أن يكون جاسوسا هنديا، من أجل العثور على منزل الفتاة موني في الجزء الباكستاني من إقليم كشمير. وبعد مطاردة طويلة، يقتنع ضباط الأمن الباكستانيون بأمانة باجرانغي ويساعدوه في عبور الحدود مرة أخرى إلى الهند، بعد نجاحه في العثور على أسرة الفتاة موني في باكستان. أراد الممثل سالمان خان المجيء إلى باكستان لحضور العرض الأول لفيلمه الشهير، ولكنه مُنع من القيام بذلك لأسباب أمنية. ومع ذلك، يقول نقاد السينما المحلية في باكستان إن الفيلم لقي إقبالا منقطع النظير من رواد السينما في باكستان.
مشاركة :