- في منزلها بأحد أحياء مدينة دياربكر تمضي عائشة غول بيشر وقتها مع بقايا أغراض ابنها الخاصة.- القميص المكوي الذي تحتفظ به هو ما تبقى من ابنها وهو ما يجدد لديها الأمل في عودته سالما.- الأم توجهت بالشكر إلى الحكومة التركية التي توفر كافة الإمكانيات لأبنائهم للاستسلام والعودة طوعا.- في رسالة لابنها: يا بني اسمع صوتي وعد إلينا تعال إلى حضني أنتظرك بشوق أنتظر عودتك بأقرب وقت. عامان على اختطاف ابنها، الذي لم يتبق منه سوى بعض أغراضه الخاصة في حقيبة، وأخر قميص ارتداه، قبيل أن تنتزعه أنياب الإرهاب من أحضانها، وتستبدل قلمه بسلاح. عائشة غول بيشر، والدة الشاب مصطفى، واحدة من 3 أمهات، أطلقن قبل أكثر من 450 يوما، اعتصاما شهيرا في دياربكر، جنوب شرقي تركيا، يطالبن تنظيم "بي كا كا" الإرهابي، بإعادة أبنائهن الذين اختطفهم قبل عامين. تبدأ عائشة يومها بالذهاب صباحا إلى خيمة الاعتصام مع الأمهات، تشاطرهن الهموم والأفكار والأحزان، يستمعن لبعضهن البعض، ويقمن بأعمال يدوية خفيفة، ومساء، تعود إلى أحزانها في المنزل. وللمرة الأولى، شاطرت الأم في منزلها كاميرا "الأناضول" حقيبة ذكريات ابنها مصطفى، قبيل أن تنتقل إلى مكان الاعتصام وتروي قصتها المؤلمة، كواحدة من قصص الأمهات المحزنة مع التنظيم الإرهابي. ومنذ 3 سبتمبر/أيلول 2019، تعتصم الأمهات في دياربكر، ويحمّلن حزب "الشعوب الديمقراطي"، مسؤولية اختطاف أبنائهن واقتيادهم إلى معاقل تنظيم "بي كا كا" الإرهابي في الجبال، ليسفر الاعتصام حتى اليوم عن عودة أكثر من 20 مختطفا لذويهم. ** حقيبة الألم في منزلها الجديد بأحد أحياء دياربكر، تمضي عائشة وقتها خارج الاعتصام، مع بقايا أغراض ابنها الذي كان يبلغ 18 عاما وقت اختطافه، تحتضن صورته وتفتقد وجوده. منذ اختطافه، كانت الأم ترى ابنها في كل ركن وزاوية بالمنزل، ما زاد أحزانها وأمراضها، ودفع أسرتها للانتقال إلى منزل جديد، لكن رغم ذلك علقت صورته في كل مكان، ورفعت علم تركيا على جدرانه. تحضر عائشة الحقيبة الحمراء التي بداخلها أغراض ابنها وقلبها مليء بالألم والأمل، تفتح الحقيبة والدموع في عينيها، وتقول: "هنا ينتهي الكلام"، تذرف الدموع وقميص ابنها لا يزال يحمل رائحته. القميص المكوي والمطوي بعناية الذي تحتفظ به، وملابسه الرياضية، وأدواته الأخرى، وصورته المعلقة في كل مكان، هي كل ما تبقى من ابنها. ** ماضون للنهاية تروي الأم قصة أسرتها الحزينة، فتقول: "أنا عائشة غول بيشر، والدة مصطفى الذي اختطف في 17 تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2018، ونقل إلى الجبال من قبل الإرهابيين". وتتابع: "بعد يومين من اختطافه وصلتني مكالمة أن ابني انضم لصفوف ي ب ك الإرهابي". الأم المتألمة بحثت في كل مكان عن ابنها، ولم تترك بابا إلا طرقته، ولم تجد حلا في النهاية إلا أن تنظم مع أمهات أخريات اعتصاما أمام مقر "ي ب ك"، منذ 3 أيلول/ سبتمبر 2019. وعن ذلك تقول الأم من أمام مقر "حزب الشعوب الديمقراطية" في دياربكر: "بدأت هنا الاعتصام للبحث عن ابني، المقر الذي اختفى فيه ابني، وأملي الأخير، وسأستمر في البحث عنه هنا وانتظاره". وتتابع الأم بألم: "حولوا حياتنا لكابوس مع انتزاع أبنائنا، كل يوم نأتي على أمل جديد إلى هذا المكان، من أجل المطالبة بحقوقنا وسنأخذها، نريد أن نستعيد أملنا ممن أخذه، لذا فإن سعينا سيستمر حتى لو انتهت حياتنا". ** نواسي بعضنا وعن الاعتصام وحياتهن اليومية، قالت الأم: "اعتصامنا هنا جعلني أقلل الاهتمام بأهل بيتي، لدي ابنتان أتركهما في المنزل من أجل استعادة حقوق أخيهما الأكبر، انتزعوا حياتي، وكل يوم تزداد النار بداخلي استعارا". وزادت: "نحن هنا تجتمع مع الأمهات، نواسي بعضنا البعض بالاستماع لقصصنا، وندعم بعضنا البعض، الكفاح هنا يزداد صلابة وقوة". وناشدت الأم "كل الأمهات والآباء ألا تخافوا وتعالوا إلى مكان الاعتصام، فنحن متنا عندما اختطف الإرهابيون (بي كا كا) أبناءنا فماذا لدينا لنخسره؟!". وعن أنشطتهن بالاعتصام، قالت بيشر: "نمضي وقتنا بأعمال يدوية لأن الوقت لا يمر أحيانا من الألم، فنساعد بعضنا البعض أمام أبواب العدو لاستجماع أفكارنا". وشددت على أن الأمهات لا يمنعهن "صيف ولا شتاء ولا برد، حيث سقطت الثلوج علينا ولم نمل، ولم يمنعنا فيروس كورونا، مصممات للنهاية حتى الوصول إلى أهدافنا". واستطردت: "نستفيق صباحا ونأتي هنا، ومساء نعود للاهتمام بأبنائنا، لقد بات دينا علينا استعادة حقوق أبنائنا من الإرهابيين، وسنحصل عليهم أحياء أو أمواتا". ** ورقة ضغط وتوجهت الأم بالشكر إلى الحكومة التركية، وقالت: "نشكر دولتنا القوية، التي توفر كافة الإمكانيات لأبنائنا للاستسلام، والعودة طوعا إلى أمهاتهم". وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن دعمه للأمهات المعتصمات في أكثر من مناسبة، فضلا عن دعم الوزراء والسياسيين وفنانين وصحفيين وكتاب ورياضيين ومنظمات مدنية ورجال دين وأفراد من كافة فئات المجتمع. وأفادت بأنها "شاهدت قبل أيام فيديو لابنها، لكنها لا تعرف مصيره حتى الآن"، مشيرة إلى أن "الخاطفين يستخدمون أبناءهم كورقة ضغط". وأضافت: "أدرك أن أبناءنا سيسلمون أنفسهم للقوات الأمنية، حيث أن ابني كان قارئا للقرآن ومصليا وكانت لديه أحلام، فاستبدلوا قلمه بالسلاح". وبعثت الأم عبر الأناضول، برسالة إلى ابنها: "تعال وسلم نفسك لقوى الأمن التركية، لنعيش تحت راية واحدة بأمان وسعادة، ماذا تفعل في تلك الجبال وأنت الابن الحساس؟". واختتمت حديثها: "يا بني اسمع صوتي وعد إلينا، انظر إلى حالي وأنا مريضة، تعال إلى حضني، أنتظرك بشوق وحسرة، أنتظر عودتك بأقرب وقت". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :