ثقافة التقدير إن وجدت في مجتمع، فتأكد أن هذا المجتمع سيكون أفراده دوماً في عجلة مستمرة من العمل والسعي إلى الإنجاز، ولن تجد منهم تكاسلاً أو تخاذلاً، أقلها من قبل المجتهدين الذين يقدرون التقدير، ويفرحون بتعزيز إنجازاتهم، والذين يدركون بأن وراءهم منظومة إدارية قيادية تدعم جهودهم وتعتمد عليهم.حتى على المستوى الفردي، في البيت مثلاً، تعزيزك لسلوكيات إيجابية تصدر من أبنائك عبر تقديرهم وتحفيزهم وفتح مجالات أرحب لهم ليطوروا من هذه السلوكيات ليترجموها على شكل إنجازات ونجاحات، كلها ستجعلهم يقبلون بدافعية على القيام بالأمور الصحيحة، بل ستدفعهم لبذل الجهد حتى يفاجئوك بإنجاز تلو إنجاز.لذلك على المسؤول أو القيادي في أي موقع كان أن ينتبه لهذه الأمور، فالموظف أو العامل يمكن تشبيهه بالمادة «القابلة للكسر»، حتى لو كان من النوع الذي يتحمل الضغط والعمل الشاق، والكسر الذي يصيبه هنا في مقتل هو غياب التقدير لجهوده، أو الانتقاص منها، أو تجاهلها، فبالتالي تنطفئ فيه أي جذوة حماس، وتموت لديه الدافعية، والطاقة تخبو، وتتحول بالضرورة من طاقة إيجابية نشطة إلى طاقة خاملة أو متوقفة، هذا إن لم تتحول إلى طاقة سلبية!هناك أساليب إدارية خاطئة تصدر من بعض المسؤولين تكون نتائجها وخيمة جداً من ناحية الخسائر في رأس المال البشري، وهنا لا بد من الانتباه والحذر، فإن كنت مسؤولاً على مجموعة نجوم متألقين فيما يقومون فيه، فلا تستسهل غياب تقدير جهودهم، لأنك بذلك تخاطر بأن تفرض على هذه النجوم الأفول، وكذلك لو كانت لديك مجموعة واعدة من الشباب يعملون بجد واجتهاد، لا تستصغر أهمية التشجيع والتحفيز والتقدير إن حققوا إنجازات، إذ إنك بالتالي قد تتسبب في إحداث «نقطة تحول» خطيرة تغير من مسار عمل إيجابي يتحقق إلى انعدام للإنتاجية نتيجة للإحباط وتثبيط الهمم.حتى أصغر الجهود يمكن أن تقدر، حتى المحاولات الجادة الصادقة في إنجاز شيء، وإن باءت بالفشل، يعرف القائد الذكي والمسؤول الإداري المحنك كيف يستثمرها ويحولها في نظر أصحابها إلى انطلاقة لتحقيق نجاحات أكبر، فثقافة التقدير أحد أقوى الأدوات الإدارية التي تعزز الإحساس بالقدرة لدى الفرد، وبإمكانها أن تحوله من شخص عادي إلى استثنائي فيما يقدمه من عطاء، وفيما ينتجه من مخرجات عمل.أبسط مثال على كيفية أن يكون التقدير هاماً ومؤثراً لدى أصحابه إن كان صادراً من القائد الذي يرون فيه نموذجاً، وينتظرون منه إبداء رضاه عن عملهم، هو ما نراه في شوارعنا اليوم من نشر لصور أبطالنا وبطلاتنا في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كورونا (كوفيد19)، صورهم رائعة وهي تنشر في كل مكان، رائعة بروعة فكرة ترسيخ ثقافة التقدير لكل من يعمل ويجتهد ويخلص لهذا الوطن، ولكم أن تتخيلوا هذا التقدير المعنوي كيف يلقي بأثره الإيجابي عليهم.هذه من النماذج التي طبقت لدينا، طبقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس الوزراء، تقديراً منه لكل فرد يقف في الصفوف الأمامية ليعمل وينجز، في درس حي وصريح لأي مسؤول يسعى لاستخدام الأدوات الإدارية الصحيحة للارتقاء بالموظفين لديه.
مشاركة :