تونس - أثار رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حالة من الغضب بسبب تصريح له الجمعة قال فيه "إن أحد أسباب الثورة التي شهدتها بلاده في 2011، "اهتراء البنية التحتية لجميع القطاعات، وتأزم وضع الصناديق الاجتماعية". في محاولة متكررة لتبرئة منظومة ما بعد الثورة من تدهور الاوضاع في البلاد وتحميل النظام السابق كل المشاكل. جاء ذلك خلال لقاء جمع الغنوشي، بوزير الصحة فوزي مهدي، في قصر البرلمان بالعاصمة تونس، على خلفية وفاة طبيب شاب (27 عاما) إثر سقوط مصعد كان يقله بأحد المستشفيات الحكومية. وحاول الغنوشي بشكل مبطن تحميل النظام السابق مسؤولية تدهور البنية التحتية في قطاع الصحة وبان الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وجدت انهيارا كاملا في مختلف المرافق وهي نفس التبريرات التي يطلقها قادة النهضة وحلفاؤهم لتبرير حالة الاخفاق في كل المستويات. وشدّد الغنوشي، على أن جائحة فيروس كورونا نبهت إلى هذه النقائص في البنية التحتية، مضيفا أن تأسيس المستشفيات يتم على عاتق الدولة التي يجب أن تتكفل بها وتتولّى صيانتها. ورغم ان اغلب التونسيين يقرون بوجود مشاكل عميقة في قطاع الصحة تعود لعقود لكن لم يصل الامر الى هذه المستويات سوى بعد الثورة وبعد 10 سنوات قاتمة من حكم شاركت فيها النهضة بطرق ومستويات مختلفة. ووزارة الصحة بالذات اصرت حركة النهضة على توليها في فترات متعددة سواء عبر الوزير عبد اللطيف المكي او الوزير عماد الحمامي لكن لم يحصل تغيير يذكر في قطاع يعاني كثيرا وزاد وباء كورونا من معاناته. و نفى رئيس المنظمة التونسية للاطباء الشبان جاد الهنشيري في تصريح لاذاعة موزاييك الجمعة ان تكون مشكلة غياب الصيانة في مستشفى جندوبة اين حصلت الواقعة تعود لفترة النظام السابق. وقال في هذا الصدد أنّ هذه الوضعية مستمرة منذ سنة 2016 اي بعد 5 سنوات من الثورة وأنّ المسؤولين المحليين والجهويين وعلى المستوى المركزي على علم بهذا الأمر ولم يحرّكوا ساكنا. وطالب جاد الهنشيري المسؤولين عن قطاع الصحة في تونس ومن بينهم الوزير بالمغادرة نتيجة عجزهم عن القيام بأبسط مهامهم. وانتقد ما يسود القطاع من عدم كفاءة وغياب أي روح للمسؤولية في صفوفهم موضحا إنه يتعيّن على مسؤولين غير قادرين حتى على حلّ اشكال مصعد معطّب المغادرة. ودعا رئيس منظّمة الأطباء الشبان إلى تحميل المسؤولية إلى الجميع بدءا من وزير الصحة، والعمل على محاسبتهم سياسيا وقضائيا. وتأتي تصريحات الغنوشي في وقت تستعد تونس لإحياء الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010. والخميس، توفى الطبيب بدر الدين العلوي، إثر تعطل وسقوط مصعد كهربائي كان على متنه، في مستشفى "جندوبة" الحكومي (شمال غرب). ويرى مراقبون ان الحادثة ليست منفصلة عن حوادث اخرى كشفت انهيار البنية التحتية في البلاد منذ 10 سنوات نتيجة الاهمال والتسيب حيث شهدت البلاد مؤخرا حوادث وفيات نتيجة السقوط داخل بالوعات صرف مياه. ويرفض التونسيون حالة الاستخفاف التي تمارسها الطبقة السياسية وعلى راسها النهضة عبر تحميل كل الاخفاقات لنظام انتهى قبل اكثر من عقد مطالبين بمحاسبة كل من اذنب واجرم. من جهته، أشار وزير الصحة إلى ضعف في اعتمادات وزارته "تقدر بنحو 2.8 مليار دينار تونسي" (1.04 مليار دولار). وأكد مهدي، خلال الاجتماع، "ضرورة حوكمة إدارة المؤسسات الصحية والمستشفيات العمومية"، مشيرا إلى أن جائحة كورونا "تسببت في توقف عمليات الإصلاح والصيانة" في منظومة الصحة. ولفت إلى الجهود المبذولة للحد من نسبة الإصابات بالفيروس، مؤكدا ضرورة الحفاظ على التباعد الاجتماعي واتباع إجراءات الوقاية. وحتى مساء الخميس، ارتفع عدد مصابي كورونا في تونس إلى 101 ألف و900، توفي منهم 3481 وتعافى 75 ألفا و464، وفق وزارة الصحة.تونس - أثارت وفاة طبيب شاب إثر تحطم مصعد في المستشفى الذي يعمل فيه بشمال غرب تونس، غضبا واسعا حول وضعية المستشفيات الحكومية وضعف الخدمات الصحية في البلاد التي تشهد أيضا احتجاجات اجتماعية في مناطق داخلية تطالب بالتنمية وتوفير العمل.واثر الحادثة، تظاهر مئات الأطباء التونسيين الجمعة للمطالبة بتحسين سلامة العمل داخل المستشفيات خصوصا المتواجدة في المناطق الداخلية والتي لا تتوافر فيها معدات وتجهيزات كافية.وتوفي الطبيب بدرالدين العلوي (27 عاما) الخميس "على اثر سقوطه في مصعد بالمستشفى الجهوي" في محافظة جندوبة المهمشة، وفق وزارة الصحة التونسية، ما أثار موجة من الغضب.وأطلقت الحادثة التي وقعت عقب الإبلاغ عن عطب في المصاعد في المستشفى خلال زيارتين رسميتين لوزيرين في الأشهر الماضية، ردود فعل واسعة من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا وضع المستشفيات الحكومية والخدمات الصحية وغياب الإصلاحات الضرورية في ظل جائحة كوفيد-19.وتجمع المئات من الأطباء المقيمين والعاملين في قطاع الصحة الجمعة أمام مقر كليّة الطب بالعاصمة من أجل المطالبة بإقالة وزير الصحة والمسؤولين عن الصيانة في المستشفى، في تحرك جاء بدعوة من المنظمة التونسية للأطباء الشبان. ودعت المنظمة أيضا إلى إضراب عام، بينما نظمت احتجاجات أيضا أمام كلية الطب بمدينة صفاقس.وقال العضو في المنظمة زياد بوقرة "مات الطبيب بسبب اللامبالاة"، مضيفا "تتواصل مشاكل قطاع الصحة منذ سنوات وهي تراكمات لنظام من سوء التصرف والفساد أوصلنا إلى هذه النتيجة".بدوره أكد الطبيب المشارك في الاحتجاج زكرياء بوقرة، أن سبب الحادث ناتج عن "نظام لا يريد الإصلاح ولا يريد أن يتطور".وطالب رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان (نقابية غير حكومية)، جاد الهنشيري خلال التظاهرة الاحتجاجية بكلية الطب التابعة لجامعة تونس بالعاصمة باستقالة وزير الصحة والمديرين المباشرين.وقال الهنشيري"نطالب باستقالة كل مسؤول عن وفاة زميلنا بدرالدين العلوي بمستشفى جندوبة من المديرين المباشرين إلى وزير الصحة"، مضيفا "نطالب بمحاسبة الوزير والعمل لن يعود في المستشفيات إلا بمحاسبة المسؤولين عن التقصير في حماية الأطباء".وتابع "الأطباء الشبان قادرون على إيقاف العمل في المستشفيات مثلما كانوا قادرين على الوقوف إلى جانب قطاع الصحة خلال الأزمة ( جائحة كورونا)".والمنظمة التونسية للأطباء الشبان هي منظمة تونسية غير حكومية، ينضوي تحتها مئات الأطباء الشباب أو المتخرجين حديثا والمتدربين.وأعلن رئيس الحكومة تنظيم جنازة رسمية الجمعة للطبيب الشاب الذي سيدفن في محافظة القصرين (وسط-غرب) وهي أيضا من المحافظات التي تعاني الإهمال والتهميش منذ استقلال البلاد.وأعلنت وزارة الصحة فتح تحقيق إداري "فوري بالتوازي مع البحث الجنائي وذلك بهدف تحديد المسؤوليّات وكشف الاخلالات وتفادي تكرارها"، حسب بيان صادر عنها الجمعة.وتتزامن الحادثة مع مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 في البرلمان، وسط صعوبات في البحث عن تمويلات لها مع تفاقم أزمة كوفيد-19.وتشهد تونس انتشارا كبيرا لفيروس كورونا بعدما تمكنت من احتواء انتشاره في شهر يونيو/حزيرانالماضي. وأصبح عدد المصابين يناهز المئة ألف، بينهم أكثر من 3 آلاف وفاة.وقالت شادية الحفصوني النائبة عن حزب قلب تونس عن محافظة جندوبة في مداخلتها أمام البرلمان "هناك ستة مصاعد في مستشفى جندوبة، واحد فقط منها يعمل وبدرالدين مات في المصعد المعطل"، مضيفة "نحن في حاجة للأطباء، لكن في المقابل نحن نخسرهم".وفي السنوات الأخيرة، شهدت البلاد هجرة لافتة للأطباء إلى دول أوروبية وخليجية بحثا عن ظروف عمل وعائدات مالية أفضل، بينما أصبحت المحافظات الداخلية تشكو نقصا في عدد أطباء الاختصاص.ويقدر عدد الأطباء التونسيين العاملين بالخارج بنحو ثلاثة آلاف طبيب يتوزعون بين اختصاصات مختلفة.وتابعت الحفوصني "المستشفى منذ أشهر دون تجهيزات". وتوجهت لوزير الصحة الحاضر في الجلسة البرلمانية بالقول "زرتنا سيدي الوزير ولم تفعل شيئا".وزار وزير الصحة فوزي المهدي المستشفى الجهوي بجندوبة في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول "للتعرف على مدى جاهزية البنية التحتية للقطاع الصحي" حسب بيان لوزارة الصحة آنذاك.وأوضح الوزير في رده على أسئلة وجهت له من قبل النواب "وقع العطب ليلة أمس والتحقيق جار وسنتخذ كل الإجراءات"، مؤكدا أن قطاع الصحة "يدفع ثمن خيارات خاطئة ومتراكمة منذ سنوات" وذلك بسبب "سوء الحوكمة ونقص التمويلات".وأعلن المهدي عن قرار مضاعفة الميزانية المتعلقة بالصيانة داخل المستشفيات الحكومية.وكان القطاع الصحي في تونس إلى جانب قطاع التعليم خاصة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة يحظيان بالأولوية على جميع القطاعات الأخرى.وفي سنوات ما بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس (الراحل) زين العابدين بن علي، تعرض قطاع الصحة للكثير من الصعوبات والأزمات وفشلت الحكومات المتعاقبة في حل تلك الأزمات من تردي البنية التحتية إلى نقص في التجهيزات إلى تعرض الطواقم الطبية للاعتداءات إضافة إلى استشراء الفساد في منظومة كانت تعتبر من ضمن أفضل المنظومات الصحية. وتشهد تونس في هذه الفترة ومع اقتراب ذكرى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالنظام السابق في العام 2011، احتجاجات واسعة في عدد من المحافظات الداخلية المهمشة للمطالبة بالتنمية والتشغيل.والخميس سجّل إضراب عام في محافظة القيروان (وسط) للمطالبة بالتنمية، كما يتواصل في المنطقة المنجمية بمحافظة قفصة (جنوب) توقف استخراج الفوسفات الذي كان يوفّر للدولة عائدات مالية هامة بالعملة الصعبة. وفي محافظة قابس (جنوب) ينفذ معتصمون احتجاجات في معمل لإنتاج الغاز المنزلي ما تسبب في نقص في توزيع قوارير الغاز في محافظات من الجنوب التونسي.وأمام اتساع التظاهرات الاجتماعية، قرر رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الأربعاء تكليف قوات الأمن بالتدخل الفوري لصد الاحتجاجات في عدد من ولايات البلاد.وتواجه تونس التي فاقمت تداعيات وباء كوفيد-19 وضعها الاقتصادي، تراجعا تاريخيا لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 7 بالمئة ويتوقع أن تسجل عجزا قياسيا في الموازنة لعام 2020.
مشاركة :