في مقدمة كتاب "النهار الآتي" الذي أصدره الكاتب أحمد سراج متناولا خلاله تجربة الشاعر الراحل رفعت سلام، يقول الدكتور محمد عبدالمطلب «شعرية مغايرة، وتجربة مفارقة وكل ديوان له يمثل مغامرة جديدة، أى أنه في حاجة إلى قراءة جديدة بتقنيات مغايرة. وهذه هى المرة الأولى التى أقرأ فيها شعرًا لا يقدم لغةً محملةً بالدلالة الجمالية بهدف التوصيل؛ وإنما هو شعر يقدم اللغة ذاتها بوصفها المستهدَف الأصيل». «النهار الآتي» يتكون من 28 مادة كتبها خمسة وعشرون ناقدًا "من المحيط إلى الخليج" بحسب قول المؤلف؛ فالكتاب يشارك فيه كتاب من مختلف البلاد العربية.تضم أبوابه الرئيسية: الدراسات العامة: وتتناول مشروع رفعت سلام برؤية عامة، دراسات الدواوين: وتتناول كل ديوان بدراستين أكاديميتين ويشترط ألا يتكرر اسم الناقد أكثر من مرتين في الشهادات: ويعبر فيها من عاصروا الشاعر عن رؤيتهم له ولتجربته الإنسانية والحياتية. وأخيرًا ببليوجرافيا رفعت سلام.يشارك في الدراسات العامة: محمود أمين العالم، صلاح بُوسريف، شريف رزق، عبدالدائم السلامي. وفى دراسات الدواوين: محمد عبدالمطلب، اعتدال عثمَان، إدوار الخراط، عبدالله السمطي، محمد مفتاح، رمضان بسطاويسي، محمد فكرى الجزَّار، محمد سمير عبدالسلام، بهاء مزيد، صلاح فاروق العايدى، أبواليزيد الشرقاوي، شريف الجيار، محمد فريد أبوسعدة، عادل ضرغام، أحمد بلبولة. الشهادات: أمجد ريان، عزمى عبدالوهاب، لطفى السيد منصور، محمد رياض، مسعود شومان.من أجواء الكتاب نقرأ: "إن وفاء تجربة رفعت سلام جليًّ من نواحٍ؛ أولها أنه لم ينجرف منذ بواكيره الشعرية – التى كان وفيًّا لها وجمع قصائدها لأول مرة في ديوان (حَبو)، وجعله ضمن «ديوان رفعت سلام» الصادر عن هيئة الكتاب – للشعراء النجوم ذوى الشعبية الجارفة؛ منطلقات أو آليات، ولا للشعراء الكبار الذين آمن بتجديدهم وتجاربهم رغم علاقته القوية بهم، ومنهم قُطب الشعرية صلاح عبدالصبور – فقد ترك دم سلَّام المتساقط، أثناء مطاردته في مظاهرة، على مسودة مسرحية عبدالصبور الشعرية التى أعطاها له ليقرأها قبل طباعتها، رسالةً واضحة على قوة علاقة سلَّام بعبدالصبور – ولم ينجرف سلَّام لتبعية الشعراء المصريين الذين غادروا مصر ثم عادوا، واستطاعوا هم ومَن يتبعهم إدارة المجلات واللجان الرسمية الخاصة بالشعر؛ كما لم يتعلق بأهداب تجربة هذا أو ذاك من الشعراء العرب الذين لمعت أنجمهم والشاعر في طور التشكل أو النضج.. أقول بقيت تجربة سلَّام تقترب منها هي، وتنأى عما سواها هي؛ ما سمح لها بأن تكون هي.يتجلى صبرُ تجربةِ سلامٍ في انتظامِ عقدِها، منذُ الكلمةِ الأولى حتى الكلمة التى لما تُكتَب بعدُ، فكأنه ينحت تمثالًا في جبلٍ؛ لكأنه يشبه الفنان المصرى القديم، الذى يحمل أدواته المخفية في عناية، ويبدأ في صياغة الجبل معبدًا، ومعراجًا للسماء يسميه البعض قبرًا، غير آبهٍ بعواء الذئاب، ولا بضجيج الحفلاتِ التى تغصُّ بفنانين ينحنون تحت أقدام الملوك؛ هذه أدوات رفعت سلام؛ قلم رصاص ودفتر على الأغلب؛ وهذا ما ينتج؛ دواوين وتراجم كاملة لكبار شعراء الحداثة.كيف يُمكنُ تفسيرُ تمسكِ رفعت سلام بما سمَّاه محمد عبدالمطلب «الإحياء بالشعر»، وعدم تخليه عن تطويره؟ كيف يمكن تفسير عودة رفعت سلام لترجمة ريتسوس مرةً ثانية في أكثر من الألف صفحة؟ كيف يمكن تفسير قيامه بترجمة والت ويتمان، بعد بودلير ورامبو وكفافيس، رغم أنه كان في مخطط ترجماته قبلهم؟ كيف يمكن تفسير النموذج الفريد للتراجم الذى يقدمه سلَّام؛ فلا يكتفى بطبعة واحدة، بل يذهب إلى كل ما كتب الشاعر أو عنه ويفيد التجربة؟ إنها المثابرة.
مشاركة :