الفلسفة وريادة الأعمال.. حين يكون الغموض طريقًا للنجاح

  • 12/7/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إننا ندرك أن تلك الرابطة بين الفلسفة وريادة الأعمال قد تبدو غير واضحة، بل قد يراها كثيرون غير موجودة من الأساس، سوى أن الأمور ليست دائمًا كما تبدو، فكثير من رواد الأعمال النابغين ينسبون نجاحهم في إدارة مشروعاتهم إلى تعلمهم الفلسفة وإلمامهم بقواعد التفكير الفلسفي. إنها رابطة غير مألوفة إذًا، لكنك إن أمطت اللثام عن ذاك اللبس الظاهري الحادث بين الفلسفة وريادة الأعمال فسوف يصبح بإمكانك العثور على فوائد جمة. وإذا كنا ندفع بعمق العلاقة بين الفلسفة وريادة الأعمال فإن علينا _وهذا أحد مقتضيات الاشتغال الفلسفي_ أن نقدم مبررات تدعم وجهة نظرنا تلك، وهو ما سنحاول القيام به، وذلك على النحو التالي: اقرأ أيضًا: 9 نظريات قديمة يمكنها مساعدتك في عملكالعلاقة بين الفلسفة وريادة الأعمالالفلسفة تحض على النقاش ليس صوابًا أن الجدل الفلسفي عقيم، صحيح أن هذا العقم قد يكون في موضوعات فلسفية بعينها، وهي موضوعات، والحق يقال، ذات قيمة على الصعيد الفلسفي لكن لا مجال لبسط القول في قضية كهذه، لكن، وهذا ما يعنينا الآن، فكرة الجدل ذاتها، والتداول الحر للأفكار، والرغبة الحقيقية في الوصول إلى أقرب نقطة من الحقيقة حيال الموضوع المدروس هو ما يُجسّر الآصرة بين الفلسفة وريادة الأعمال. ورائد الأعمال الحق أحوج إلى النقاش والتواصل البناء مع غيره من أي شخص آخر، إن فكرة الريادة، كما نفهمها، مخالفة دومًا لما درجنا عليه؛ لذا حق لأصحاب مثل هذه الأفكار أن يستقصوها من جميع الجوانب قبل أن يشرعوا في تطبيقها على أرض الواقع. اقرأ أيضًا: مخاطر كونك رائد أعمال.. كيف تواجه التحديات؟إدارة عدم اليقين أحد الأشياء الأكثر إرهاقًا في الفلسفة أنها تتعامل مع عدم اليقين كمعطى ثابت وأوليّ، وهي لا تسعى إلى الوصول إلى يقين ما، وإنما إلى اختبار تلك الفكرة المألوفة ووضعها على منضدة النقاش أمام التفكير العقلي الصارم. لكن هذا كلام فلسفي صميم، فما علاقته بريادة الأعمال؟ نحن ندرك أن تناول هكذا قضية ليس من السهل بحال، وأن الغموض يكتنف المسألة من رأسها إلى أخمص قدميها، ومع ذلك نحن ما زلنا مصرين على تلك الرابطة الوشيجة بين الفلسفة وريادة الأعمال؛ فأولًا كون الفلسفة تشكك في الأفكار المألوفة فهذا معناه أنها تمنح لرائد الأعمال أن يمعن النظر في أفكاره، وألا يأخذها على محمل الجد إلا إذا خرجت سالمة من قناة الرجرجة المنطقية التي يخضعها لها التفكير الفلسفي الصميم. وإذا كانت الفلسفة، علاوة على ما سبق، تعلمنا فن إدارة عدم اليقين، فهذا معناه أنها تمنح رائد الأعمال؛ ذا القدم الراسخة في التفكير الفلسفي، القدرة على التعامل مع الأزمات والأمور غير المتوقعة. وما أكثرها في مجال ريادة الأعمال. اقرأ أيضًا: نصائح ماريسا ماير لرواد الأعمال.. إرشادات تقودك للنجاح إدراك الواقع كما هو تلك معضلة كبرى، فليس من السهل أبدًا أن تدرك الوقائع في صورتها الصماء كما تتبدى في شكلها الخام لوعينا البشري، ويبدو أن إدموند هوسرل؛ رائد فلسفة الظاهريات ومؤلف كتاب فكرة الفينومينولوجيا، حاول القفز على المعضلة تلك فقال، وفقًا لتعاليم مذهبه: إننا لا ندرك الواقع بل هو الذي يدركنا، نحن لا نرى الأشياء بل هي التي ترانا. دعك من هذا، فلا مجال هنا لبسط القول فيه، لكن ما قصدنا قوله هو إن الفلسفة محاكمة أبدية للواقع، وفي سياق هذه المحاكمة قد يكون الفيلسوف محظوظًا ويدرك الواقع كما هو عليه حقًا. والأجدى من هذا بالنسبة لرواد الأعمال أن الفلسفة تعينهم، طبعًا بعد طول تدريب وتمرن، على التفكير الكلي، وامتلاك نظرة كلية عامة Overview، وحين ينصرف المرء إلى أمور وقضايا ثانوية فإنه، في الواقع، لا يفعل شيئًا سوى إهدار وقته وإنهاك ذهنه. أرأيت كيف هي العلاقة وطيدة بين الفلسفة وريادة الأعمال؟! اقرأ أيضًا: كيف تتخلص من الوظيفة وتصبح رائد أعمال؟خطوة إلى الوراء ولعل أبرز ما تُعلمنا إياه الفلسفة هو تشجيعنا للتراجع، لأخذ خطوة إلى الوراء، إننا نعلم أنه من المهم جدًا أن تحاول لكن الأهم أن تعلم متى تكف عن المحاولة. والفلسفة، في هذا السياق، تقدم خدمة جليلة؛ إذ إنها_وعبر إخضاعها لأفكارك الحماسية وطموحاتك الفوارة للتفكير المنطقي ومحاكمتها إلى الواقع والوقائع_ تساعد في التراجع، ومعرفة الفرق بين الحماس والقدرة، بين الرغبة في شيء والقدرة عليه. اقرأ أيضًا: كيف تكون ريادة الأعمال أسلوبًا لحياتك؟حل المشكلات دعنا نكون واضحين: الفلسفة تعكّر ولا تصطاد، تطرح المشكلات أكثر مما تقدم لها حلولًا، لكن عليك إدراك أن طرح المشكلة هو أولًا جزء من حلها، كما أنه نصف ريادة الأعمال؛ فلكي تجد حلًا ما يجب أن تعثر على المشكلة في البداية. وما من مجال يعينك على العثور على المشكلة سوى الفلسفة. لكن ثمة أمر آخر _كي لا تسيء بالفلسفة ظنًا_ وهو أن الفلسفة تعمل، ما وسعها الجهد، على تبسيط المشكلة موضع البحث والنظر وتفكيكها (طبعًا ليس بالمعنى الذي يقصده جاك دريدا) إلى أبسط أجزائها، ومن ثم يمسي سهلًا تقديم حل لها. المشكلة أن أغلبنا لا يستطيع اجتياز المرحلة الأولى من الاشتغال على المشكلات، لا أحد لديه الصبر والجلد كي يفكك مشكلة ويبسطها تبسيطًا تامًا قبل أن يقدم لها حلًا، غير أن الفلاسفة يفعلون، وهكذا نرجو أن نكون ألقينا بعض الضوء على العلاقة بين الفلسفة وريادة الأعمال. اقرأ أيضًا: منظومة ريادة الأعمال.. مكوناتها وعناصرها تفاصيل خطة المشتريات.. نهج إدارة عملية الشراء بكفاءة ريادة الأعمال ورفع جودة الحياة

مشاركة :