نهيان بن مبارك: الإمارات حددت الإنسانية أساساً قوياً لمسيرتها

  • 12/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انطلقت مساء أمس بأبوظبي، أعمال الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم، عبر تقنية الاتصال المرئي، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وبمشاركة شخصيات رفيعة المستوى، وممثلين عن حكومات ومنظمات دولية، وقادة دينيين وأكاديميين وباحثين ورجال دين وممثلي منظمات المجتمع المدني والشباب. وانعقد الملتقى السابع للمنتدى هذه السنة تحت عنوان: «قيم ما بعد كورونا: التضامن وروح ركاب السفينة»، ويناقش المؤتمرون على مدى ثلاثة أيام من 7 إلى 9 ديسمبر العديد من الموضوعات التي تشغل الوعي الكوني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البشرية، وتتسبب في القلق الكبير على كل المستويات النفسية والمعنوية والمادية، للأفراد والمجتمعات والدول القوية والضعيفة على حدٍّ سواء. وافتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش وقائع الجلسة الافتتاحية، قائلاً: إن موضوع هذا الملتقى يؤكد مجموعة من المعاني المهمة، منها أن الحديث، هنا في أبوظبي عن عالم ما بعد «كورونا»، والإعداد والاستعداد لعالم أفضل، لجميع البشر، إنما هو امتداد طبيعي، للقيم والمبادئ الأصيلة في الإمارات هذه الدولة، التي تتطلع بعزمٍ وتصميم، نحو المستقبل، وتسعى دائماً إلى التعامل مع تطوراته كافة بحكمةٍ ونجاح، مضيفاً: نحن دولة يرتبط فيها الشعب مع قادته، في تآلف ومحبة، وأمان واستقرار، نحن نعتز غاية الاعتزاز، بالرؤية الحكيمة، لقادة الوطن، قادرون تماماً، على الإسهام الفاعل في مسيرة البشرية، وهو ما يؤكد عليه دائماً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من خلال جهوده المتواصلة في دعم كل المبادرات التي تهدف إلى تحقيق حاضر ناجح، ومستقبل مزدهر في الدولة والمنطقة والعالم، وعلى نحوٍ يواكب كل المستجدات، ويؤكد على مبادئ التضامن والعمل المشترك بين الجميع، ويسهم في تحقيق الخير، وتطوير الممارسات النافعة في الميادين والمجالات كافة. وأشار معاليه إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تحتفل في العام القادم بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، قد حددت لنفسها هدفاً رئيساً في الخمسين عاماً القادمة، وهي أن تظل هذه الدولة دائماً، هي الدولة التي تتخذ من القيم والمبادئ الإنسانية أساساً قوياً لمسيرتها، وعلى نحوٍ تتأكد فيها دائماً قيم التسامح والتعايش والتكافل والعدل، والسعي إلى تحقيق الخير للجميع، دون تفرقةٍ أو تمييز. وفي كلمته الافتتاحية، رحب معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم بالمشاركين، معرباً لهم عن جزيل الشكر والامتنان لمشاركتهم في أعمال الملتقى السابع الذي يلتئم في ظرفٍ استثنائي وفي شكل استثنائي، وأضاف معاليه: «تجتمعُ أفكارنا وتتواصل قلوبنا، وتظلُّ الأجساد رهينةَ ما فرضه الظرف من التباعد». وأكد أن المشاركة في هذه الملتقيات في عاصمة الإنسانية، أبوظبي، هي مناسبة للجميع ليلمسوا بأنفسهم روح السلام في دارها، ويستلهموا رؤية التسامح من معدنها، ويتنسّموا عبق أريج المحبة من مهبّها. وأوضح أن ملتقى هذه السنة يأتي في سياق التّحديات الوجودية التي تواجه الإنسانية جمعاء، جراء هذا الوباء الذي غيّر برامج وخطط البشرية، وأعاد ترتيب أولوياتها وسَاءَلَ توجّهاتها القيمية، وأكد معاليه أهمية التضامن وروح ركاب السفينة»، إذ إن المنتدى هذه السنة يأتي في سياق التّحديات الوجودية التي تواجه الإنسانية جمعاء، جراء هذا الوباء الذي غيّر برامج وخطط البشرية، وأعاد ترتيب أولوياتها وسَاءَلَ توجّهاتها القيمية. وأكد معاليه أن روح ركاب السفينة حاضرة بقوة في رؤية الإمارات واستراتيجيتها لمواجهة تداعيات هذه الأزمة العالمية، من خلال الدور الريادي البارز الذي اضطلعت به في التضامن مع البلدان المتضررة من هذا الوباء دون النظر إلى دينها أو عرقها، جاعلةً من إغاثة الإنسان حيثما كان البوصلةَ والهدف الأسمى لجهودها. وقال: اخترنا لمنتدى هذا العام شعار «قيمُ عالم ما بعد كورونا: التضامن وروح ركاب السفينة»، تلك السفينة هي سفينة الإنسانية التي ضرب بها النبي، صلى الله عليه وسلم، المثل في الحديث الصحيح «مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا». ففي هذا الحديث استعارة رمزية بليغة لحالة الإنسانية، في اتحاد مصائرها وتواشج مساراتها، وتشبيه لها بركَّاب السفينة الواحدة، والتي - وإنْ كانت ذات درجات متفاوتةٍ - إلا أنها في النهاية محكومة بمسار واحد ومحكوم عليها بمصير واحد. وشكر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري دولة الإمارات ومنتدى تعزيز السلم على الجهد الدؤوب في كل ما يخدم القضايا الإنسانية، لاسيما ما يتصل بترسيخ التعاون والتعايش بين الديانات والحضارات والثقافات المختلفة، وهو المجال الذي تعتبر دولة الإمارات العربية رائدة فيه، بقيامها على التنوع واحترامها له. وبين أن الشدائد والمحن والنوازل تستدعي التراحم بين بني البشر، وتتطلب التكاتف والتعاون لمواجهتها والتغلب على تحدياتها، وأنه علينا جميعاً أن ندرك أن جميع الأديان السماوية معنية بتحقيق التراحم بين بني البشر، وفي هذا الصدد أكد أن الدين الإسلامي مبني على التكافل والتراحم، واحترام آدمية الإنسان، وإعلاء قدره كإنسان. من جانبه، توجه السفير سام براون باك -سفير الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأميركية، الولايات المتحدة الأميركية بالتحية للمشاركين في الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم، معتبراً أنهم وما يمثلونه من شبكات وما يطرحونه من أفكار ليسوا مجرد نموذج رائع فحسب، بل أيضاً عنصر حيوي من أجل تحقيق أهداف منتدى تعزيز السلم. ونوه بإعجابه وثقته بمعالي الشيخ عبد الله بن بيه كعالم من علماء الإسلام المعروفين، ومن القيادات الدينية التي تحظى بأوسع احترام، معتبراً إياه مصدر إلهام له في معالجة أصعب قضايا العصر وفي صبره على دروب السلام من إعلان مراكش إلى حلف الفضول إلى ضمان التعاضض بين مختلف المجتمعات الإنسانية في سياق المواجهة الجماعية لهذه الجائحة العالمية القاتلة، وعبّر عن ارتياحه الكبير للجهود التي تبذلها حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز التفاهم والاحترام بين المجتمعات الدينية. كما توجه رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، في مستهل كلمته بالشكر لمعالي الشيخ عبد الله بن بيه على عمله الدؤوب من أجل السلم، وعلى جهوده في إقامة الروابط والصلات بين القيادات الدينية وصناع القرار حول هذا العمل. وأضاف: توصف جائحة «كوفيد» أحياناً بأنها كارثة نهاية العالم Apocalypse، وعندما نفهم كلمة Apocalypse بشكل صحيح، نكتشف أنها تعني الكشف عن شيء كان متوارياً، فالوباء قد كشف حقائق كثيرة، مثل عدم المساواة في التوزيع الاقتصادي، والانقسامات العرقية والإثنية وأولوياتنا المعكوسة عندما يتعلق الأمر بنوع من المهن التي كنا نبالغ في العناية بها، واستغلالنا السيئ لمخلوقات الله وخلقه. واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة معالي العلامة الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، رئيس رابطة العالم الإسلامي، رئيس الهيئة العالمية لعلماء المسلمين، وبعدها بدأت الجلسات العلمية لليوم الأول بجلسة خاصة بالكلمة التأطيرية لمعالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم، والتي بسط فيها ما أجمله في كلمته الافتتاحية. وترأس معالي الدكتور حمدان المزروعي- رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الجلسة العلمية الثانية والتي حملت عنوان: الجائحة وروح ركاب السفينة (وضع العالم ووحدة المصير الإنساني). موراتينوس: اختبار لالتزامنا وقيمنا المشتركة عبر معالي ميغيل موراتينوس - الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة عن سعادته الكبيرة بمشاركته الأولى في ملتقيات المنتدى إلى جانب فضيلة الشيخ عبد بن بيه، مشيداً بأهمية موضوع المنتدى والإشكاليات التي يعالجها في هذه السنة، فهذا الملتقى - يضيف موراتينوس - «هو فرصة لكي نقف على أوجه القصور وأيضاً الإنجازات. إن الجائحة كانت ولا تزال عبارة عن اختبار للقادة السياسيين وأيضاً للأفراد، وقدرتهم على الصمود والتعاطف. إنه اختبار لالتزامنا وقيمنا المشتركة، وفكرة أننا كلنا في هذا المركب معاً، وأن هذه الجائحة قد كشفت أوجه القصور والضعف والانقسام وانعدام المساواة في هذا العالم، وإن كانت كل هذه الأمور في الحقيقة موجودة قبل اندلاع هذه الجائحة، إلا أن هذه الجائحة سلطت الضوء على هذه الأمور جميعاً».

مشاركة :