قال في نفسه وهو يقود سيارته كنتُ كي أتمكّنَ من إبصار الطريق الذي أقطعه أجاهدُ جهادًا مستميتًا لكسر الحواجز التي تعترض تفكيري، ولأصل إلى وجهتي كنتُ أتجاوز زحام الحواجز القائمة في وجهي بالالتفاف صوب المنحنيات المتعرّجة في المواقع الخلفية. الحواجزُ شاهقةٌ، والطريقُ ممتدٌ، وكنتُ أعتقدُ أني كلّما قطعتُ شوطًا أكثر أقتربُ أكثر، ورغم اللوحات ذات المساحات الكبيرة، والتي ارتصَّت على جانبيه ووسطه، كان الامتداد ذاك يقتادني إلى متاهة الانتظار خارج نطاق الزمان والمكان. * فاصلة... محادثات الجوَّال بلغت المئتي محادثة! النظارة تحت مقعد السيارة! في الطريق الكلُّ يشبهُ الكلَّ.. الطرق، السيارات، الناس، وحتى اللوحات.. إلاَّ الحواجز فلا تشابه بينها، إلاَّ أني مع إشراقة شمس كل يوم جديد أتلبّس التفاؤل، وأتلو آيات الرقية، مُدَّعِيًا أن اليوم أفضل (بكثييير) من الأمس!! وقدماي تمارسان القفز فوق بعض تلك الحواجز، وتحت بعضها الآخر كنتُ أحبو، ومرّات عديدة كان الزحف أقصى جَهدي.. فلِمَ التشاؤم؟! * فاصلة... شاشة آلة الصراف الآلي.. رصيدك صفر ريال!. اعتدتُ منذ ساعات النهار الأولى على تناوب الطَّرْق فوق رأسي، فاحتوتني الكوابيس آخره، واستنزفت أنفاسي، حتّى كبّلني تخبّط الواقع والفراغ في قائمة طويلة من العراقيل، كان أهونها الاستسلام المطلق، وطأطأة الرأس!!، وباتت الشوائب تلك لازمة طوت ردود أفعالي في خانة الـ(Block). * فاصلة... تعطل كمبروسر السيارة، وحرارة الجو ترتفع وتزيد عن خمس وأربعين درجة! المنعطفات تزداد انحناءً، ومداخل الطرق الخلفية تضيق، وسدّت جميع المنافذ، ولم يعد أمامي إلاّ.. إمّا الوقوف في مكاني «محلّك سر» أو أن استنجد بمن يدفع بي إلى أي منفذ، أو أنجو بنفسي، واستجمع قواي لأعود أدراجي سيرًاعلى الأقدام. * فاصلة... مكتب العقار يعرض شقة للإيجار.. ثلاث غرف، ثلاث دورات مياه، مطبخ، صالة، السعر 83000 ريال، مضافًا إليها.. الدلالة، وايت الموية، ورمي النفايات. أدركت أني كلّما قطعت شوطًا في ذات الطريق أقتربُ أشواطًا من نقطة الابتلاع دفعة واحدة!. Ksa.watan@yahoo.com
مشاركة :