الملكية أمر طارئ، وتطور مفهوم حقوق الملكية ذاته بالتزامن مع تطور المجتمعات البشرية، وبالأحرى بالتزامن مع أنماط الإنتاج المختلفة، فعلى سبيل المثال: لم يكن هناك أي ذكر للملكية ولم يكن هناك أي تملك من الأساس خلال التشكيلة المشاعية البدائية. ولم يظهر مفهوم «التملك» إلا خلال مرحلة الرق؛ حيث كان ثمة سيد وعبد _تلك الجدلية التي بسطها “هيجل” في كتابه “فينومينولوجيا الروح”، تحكم مسار التاريخ برمته_ وكان من حق السيد امتلاك أقنان، أما في عصر الإقطاع فالأمر اختلف كثيرًا؛ إذ صار من حق البعض الامتلاك، إلا أن هناك بعض الأموال (أيًا كان شكلها) تذهب إلى الإقطاعي مباشرة. وتطور الأمر؛ عبر أنماط إنتاج شتى لا مجال لبسط القول فيها، إلى أن وصلنا للشكل النهائي من حقوق الملكية، وهو الملكية الخاصة، والذي يُعد النمط الشائع في ظل النظام الرأسمالي. اقرأ أيضًا: كيف واجهت الدول انتهاك الملكية الفكرية في عالم الإنترنت؟حقوق الملكية وحماية الإبداع تُعتبر حماية حقوق الملكية الفكرية للأشخاص والمؤسسات أمرًا من الأهمية بمكان؛ فإبداع المرء جزء من روحه، وهذا المبدع أو المبتكر لم يتوصل إلى إبداعه وابتكاره هكذا دفعة واحدة ومن دون عناء، وإنما تطلب الإبداع سنوات من العمل والكدح والمعاناة، وكم تكون المأساة والإحباط إذا تم السطو على حقوقه الفكرية ونُسب عمله إلى غيره. واللافت أن مصطلح حقوق الملكية ليس حديثًا، بل ظهر للمرّةِ الأولى في القسم الشماليّ من إيطاليا أثناء عصر النهضة، وفي عام 1474م صدر في مدينة البندقيّة قانون خاص بتوفير الحماية للاختراعات، واعتمد على منح المُخترع كل حقوقه، أمّا حماية حق المُؤلف فيعود إلى عام 1440م، عندما ابتكر المُخترع يوهانس غوتنبرغ الآلة الطابعة، وحروف الطباعة المُنفصلة. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلاديّ اهتمّت العديد من دول العالم بإعداد القوانين الخاصة بتنظيم حقوق الملكيّة الفكريّة، ودوليًّا تمّ الاتفاق على توقيع مُعاهدتين تُعدّان المصدر القانونيّ الأساسيّ للمُلكيّة الفكريّة، وهما: الاتفاقيّة الخاصة بحماية الملكيّة الصناعيّة المُوقعة في باريس عام 1883م، والاتفاقيّة الخاصة بحماية المُصنفات الفنيّة والأدبيّة المُوقعة في برن عام 1886م. اقرأ أيضًا: العمل كطابع فلسفي.. الرضا الوظيفي والابتكار سر النجاح ما هي حقوق الملكية؟ وفقًا لـ نيل ماير؛ أستاذ الاقتصاد الزراعي وعلم الاجتماع الريفي في جامعة أيداهو، فإن حقوق الملكية هي عادة ما يُشار إليها باعتبارها حق الوصول إلى تدفق من الفوائد من مجموعة معينة من الموارد. إنه القدرة على التصرف في بعض الممتلكات، سواء كانت خاصة أو عامة، كما تنشئ حقوق الملكية علاقات بين المشاركين في أي نظام اجتماعي واقتصادي. علاوة على أن الاحتفاظ بحقوق الملكية هو تعبير عن القوة النسبية لحاملها، ويتطلب امتلاك مثل هذه القوة أو الحقوق استجابات معينة من قِبل الآخرين، التي يفرضها المجتمع أو الثقافة. وتحدد حقوق الملكية، كذلك، الملكية النظرية والقانونية للموارد وكيفية استخدامها، كما يمكن أن تكون هذه الموارد ملموسة أو غير ملموسة، ويمكن أن يمتلكها الأفراد والشركات والحكومات. وعلى ذلك، فإن حقوق الملكية قد لا تكون فردية، كما أن هناك الكثير من الممتلكات التي تقع تحت طائلة هذه الحقوق، في الواقع، ما لا يقع تحت طائلة الامتلاك جد محدود. ومن الناحية الاقتصادية تشكل حقوق الملكية الأساس لجميع عمليات التبادل في السوق، ويؤثر تخصيص حقوق الملكية بالمجتمع في كفاءة استخدام الموارد، كما يمكن توسيع حقوق الملكية لتشمل براءات الاختراع وحقوق النشر وغيرها. اقرأ أيضًا: وزارات مستحدثة في المملكة.. إعادة هيكلة جديدةماذا يعني أن تملك؟ أن تملك يعني الكثير في واقع الأمر، ولأجل هذه المزايا الجمة التي يوفرها فعل الامتلاك ذاته، يسعى الناس جميعهم إلى الحصول على أكبر عدد من حقوق الامتلاك؛ حيث تمنح هذه الحقوق مالكها أو صاحب الحق أو التصرف القدرة على فعل ما يختاره بممتلكاته أو أي منها، ويشمل ذلك التمسك بها، أو بيعها، أو تأجيرها من أجل الربح، أو تحويلها إلى جهة أخرى. إذًا تمنحك حقوق الملكية القدرة على البيع، أو الإيجار، الرهن العقاري، والتبرع، فضلًا عن التقسيم الفرعي وغيرها، كما يتمتع المجتمع المحلي أيضًا بمجموعة من الحقوق: مثل فرض الضرائب، والاستخدام العام، وتنظيم الاستخدامات وغير ذلك. اقرأ أيضًا: مهارات الإبداع.. ما أهميتها في عصر الجماهير الغفيرة؟ كيف تدعم تقنيات “إبسون” الابتكارات التعليمية في المملكة؟ المملكة تفوز بجائزة عالمية لتمكين المرأة في الريادة التقنية
مشاركة :