في خطوة مفاجئة، أقدم الوزير الإسرائيلي السابق وأحد أقطاب حزب الليكود، جدعون ساعر، على الاستقالة من الحزب بسبب ما وصفه بالتعرض للتهميش من قبل رئيس الحزب، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بعد قرابة عام على إجراء انتخابات داخلية في الحزب. وأعلن ساعر رسميا، الأربعاء، استقالته من الكنيست ليتسنى له خوض الانتخابات القادمة بلائحة انتخابية منفردة، وفقا للقانون الإسرائيلي، موضحاً أنه يعتزم تشكيل حزب سياسي جديد لينافس على رئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة. خلافات داخلية واتهم ساعر رئيس الوزراء باستخدام الحزب الحاكم في إسرائيل كـ”أداة لخدمة مصالحه الشخصية”، مشيرا إلى أن “الليكود” تغيّر بشكل جذري في السنوات الأخيرة، وأنه لم يعد بإمكانه دعم الحكومة التي يقودها نتنياهو أو أن يكون عضوا في الليكود، مؤكدا أن “التغيير في قيادة هذا البلد أصبح ضروريا”. ورأى ساعر أن نتنياهو لم يعد باستطاعته توفير الوحدة والاستقرار إلى إسرائيل، مؤكداً أنه مهتمه هي استبدال نتنياهو. وكان ساعر قد تحدى نتنياهو على رئاسة حزب الليكود في ديسمبر الماضي، بمطالبته بإجراء انتخابات داخلية على زعامة الحزب، لكنه خسر الانتخابات، ما يشير إلى توتر العلاقات مع نتنياهو خلال الفترة السابقة. سياسات واحدة وبما أنه الوحيد الذي تجرأ وتحدى نتنياهو داخل صفوف حزب الليكود، وفي ظل هذا التوقيت الحرج لنتنياهو على عدة أصعدة، سواء في ظل اتهامات له بالفشل في مواجهة فيروس كورونا، أو الخوض في انتخابات جديدة مبكرة بعد أقل من عام على تشكيل الحكومة، فإن تلك الخطوة تمثل تهديداً خطيراً لرئيس الوزراء داخل الحزب. أما فيما يتعلق بالخط السياسي، فإن المنشق الجديد ينتمي المدرسة اليمينية المتشددة ذاتها، إذ ينتهج ساعر ذات السياسة التي يتبعها نتنياهو في العديد من القضايا الرئيسية بما في ذلك العلاقة مع الفلسطينيين. ومن غير المتوقع أن ينتهج توجهاً جديداً في أيا من الملفات الخارجية، وقد يقدم على عدد من الإصلاحات الداخلية، خاصة الطارئة منها مثل إجراءات جديدة لمواجهة تفشي كورونا. حزب جديد و«بيضة القبان» ومع إعلان ساعر عزمه تأسيس حزب جديد لخوض الانتخابات المقبلة، بدا أنه قد يكون “بيضة القبان” أو الحجر الذي يرجح كفة على الأخرى، الجديدة على الساحة السياسية الإسرائيلية، أي أنه قد يرجح كفة أي جناح من المتصارعين (اليمين واليسار) ويفصل مسألة تشكيل الحكومة. بل إن الاستطلاعات الجديدة ذهبت لأبعد من ذلك لتكشف أنه يمكن تشكيل ائتلاف حكومي إسرائيلي بدون حزب الليكود والمتدينين، ففي استطلاع أجرته القناة الـ 13 أوضح أن حزب ساعر المزمع تدشينه قد يحصل ما بين 15 إلى 18 مقعدا في حال خوضه الانتخابات. ووفقا للاستطلاع فإن الليكود سيحصل على 28 مقعدا، بينما سيحصل تحالف أحزاب اليمين “يمينا” على 16 مقعدا، وهو نفس العدد الذي يحصل عليها حزب “يش عاتيد”.، فيما ستحصل القائمة المشتركة على 11 مقعدا، في حين أن كل من الحزبين المتدينيين “شاس” و”يهدوت هتوراة” سيحصل كلاً منهما على 7 مقاعد، أيضا “يسرائيل بيتنو” وحزب “ميرتس” اليساري يحصل كل منهما على 7 مقاعد، في حين أن حزب “كاحول لافان ” سيسجل هبوطا حادا ويحصل على 6 مقاعد. وفي استطلاع آخر للقناة 12 الإسرائيلية فإن ساعر سيحصل على 16 مقعدا، والليكود على 26 مقعدا، وتحالف “يمينا” على 18 مقعدا، و “يش عاتيد” 15 مقعدا، والقائمة المشتركة 11 مقعدا، والحزبين المتدينين “شاس” ويهدوت هتوراة” يحصل كل منهما على 8 مقاعد، يليهم “كاحول لافان” و”يسرائيل بيتنو” و”ميرتس” يحصل كل واحد منهما على 6 مقاعد. وفي استطلاع هيئة البث الرسمية “كان” سيحصل حزب ساعر على 18 مقعدا، والليكود على 25 مقعدا، تحالف “يمينا” 17 مقعدا، و”يش عاتيد ” 17 مقعدا، والقائمة المشتركة 11 مقعدا، حزب “شاس” المتدين 8 مقاعد، وكل من “كاحول لافان” و”يهدوت هتوراة” يحصل كل منهما على 7 مقاعد ، ويحصل كل من “يسرائيل بيتنو” وحزب “ميرتس على 6 مقاعد لكل واحد منهما. وبرغم أنها استطلاعات مبدئية إلا أنها تؤشر إلى احتمالية تغيير المعادلة في الكنيست القادم، إلا أن التساؤل المطروح هو بمدى بقبول الأحزاب اليسارية والعربية بالدخول في ائتلاف مع حزب يميني كذلك الذي سيرأسه ساعر، وهل يمكن للأحزاب المتدينة الابتعاد عن الليكود لتشكيل جبهة جديدة تحمي تواجدهم وتحمي حقائبهم الوزارية. انشقاقات جديدة في أعقاب إعلان ساعر الاستقالة، ظهر صدع جديد في جدار الليكود، إذ أعلن عضوا الكنيست وزير الاتصالات، يوعاز هندل، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن تسبي هاوز، عن تأييدهما لساعر، وأعلنا أنه من خلال الحزب الجديد سيتم إيجاد بديل لنتنياهو وإيجاد قيادة يمينية جديدة.يوعاز هندل وتسبي هاوز وقال النائبان، في مؤتمر صحفي، إنه يجب إيجاد بديل من اليمين لنتنياهو، بديلا أيديولوجيا حقيقيا، وأعلنا عن نيتهما الانضمام إلى الحزب الجديد الذي سيقيمه ساعر كشركاء سياسيين. وهاجم هاوزر نتنياهو واتهمه ، وأشار إلى أن “نتنياهو اختار الاستمرار في تقسيم إسرائيل في وقت أزمة شديدة، ورأى أن الحكومة الحالية فشلت في مهمتها الاساسية. في هذه النقطة التي نحن بها، من الواضح ان استبدال نتنياهو يأتي فقط من اليمين”. خاسرون آخرون ويرى البعض أن نتنياهو ليس الخاسر الوحيد من تلك “الضربة”، إذ ينضم إليه أيضا رئيس حزب “يميناه” اليميني المتطرف، نفتالي بينت، الذي كان يسعى لاستنزاف أصوات اليمينيين على حساب الليكود، خاصة اليمين الوسط، إذ أن هناك الكثيرين يؤيدون سياسات الليكود لكنهم عارضوا نتنياهو، لذا لن يكون من الصعب استقطاب شرائح منهم طالما كانت سياسات الليكود حاضرة. كذلك زعيم “كاحول لافان” وزير الدفاع بيني جانتس، الذي يسعى لإجراء انتخابات مبكرة للإطاحة بنتنياهو، فبعد أن خسر العديد من أصوات اليسار بعد تحالفه مع نتنياهو والدخول في ائتلاف حكومي، بدا أنه يسعى لاستقطاب أصوات المعارضين لنتنياهو من اليمن، إلا أنه مع تلك الخطوة التي اتخذها ساعر بات بعيداً عن جانتس وبينت اجتذاب تلك الأصوات. وينضم اسم ساعر إلى قائمة طويلة من قيادات حزب الليكود التي غادرته بسبب ما يقال عن انفراد نتنياهو بالحزب، إلا أن الانتخابات المتكررة في إسرائيل أثببت أن إقصاء نتنياهو عن رئاسة الحكومة مهمة صعبة لم ينجح فيها أحد إلى الآن.
مشاركة :