كيف يمكن أن تحتمل دولة صغيرة كالكويت أن يظهر بين أهلها الطيبين الذين كان الزمان امتحاناً لاتحادهم والتفافهم على بعض في المحن والأزمات. من يخبئ لهم المكائد والفتن؟ لكن ليس بمستغرب بعد أن أصبح كثير مما حولنا من أساليب عيش ومناهج تربية وتعليم وحياة، وسلوكيات وإعلام، تروج وتؤجج وتعلم الإرهاب بأنواعه، كمن يدس السم في الطعام، فقد تابعنا منذ أيام خبر مقتل شاب في مجمع بسبب خلاف حول القصة القديمة «ليش تخزني وأخزك»، وغيرها من أخبار تنزل علينا كالصاعقة، فالمعلم الذي يعلم أبناءنا، هو مصدر ثقة ويفترض أن يكون قدوة لا إرهابياً، والشاب الذي يفترض أنه عاصر التطورات والتحولات، عليه أن يتجاوز توافه وصغار الأمور ويكتسب ثقة في النفس وسماحة خلق. لكن يبدو في دول أخرى وليس عندنا، يبدو أنه زمن المتناقضات وخبائث الأمور، كنا في السابق نسمع مقولة «عشان تعيش في هذا الزمن، لابد أن تصبح جزاراً، فمن يمسك سكيناً، يعمل له الناس ألف حساب»، وكنا نسخر من منطق الغابات الهمجي هذا الذي يعود للإنسان البدائي، لكننا اليوم نعيشه. بالرغبة بالقتل والتدمير، والتعطش للدم في النفوس المنحرفة، التي يعشش فيها الغرور أو الارهاب والتدمير، وإيذاء الناس والأبرياء. فكم من أناس أتقنوا ارتداء أقنعة الطيبة والوداعة، يدعون للانتقام ويصبون الزيت على النار، ويؤججون للفتنة والفرقة وشق الصف، ونحن لا نعلم، كم مرة كتبنا وأشرنا للأخطاء الفادحة في المناهج التعليمية القديمة التي تحتاج تجديداً وتغييراً وتطويراً والحكومة لا تسمع لا تبصر لا تعلم، ولم نسمع عن تشكيل لجنة واحدة لتفحص الكتب وتقييمها؟ كم مرة كتبنا عن الفجوة بين الأهل والأبناء والاعتماد على الخدم وتدني التواصل والرقابة في البيوت، ولم نر ندوة أو برنامجاً اجتماعياً واحداً لعلاج الموضوع؟ كم مرة أشرنا لانحرافات الشباب والظواهر الدخيلة وانتشار العنف في المجتمع والمسؤولين نيام؟ كم مرة كتبنا عن الرشاوى والفساد والسرقات التي تمثل قدوة سيئة واستسهال تقليدها، والأخطر منها سرقات العقول والنفوس والضمائر ولا من مجيب؟ كم مرة كتبنا عن الكبت المرير الذي يعاني منه الشباب الذي أدى لخلق متنفس غير أخلاقي أو شرعي، ولم نجد أي تحرك أو نظام أخلاقي أو جهات تتبنى مشاريع إصلاحية علاجية؟ وهكذا وصلنا لهذه الحال. فلا تتباكوا على ما اقترفته أيديكم. انظروا للتغييرات التي تطبقها دول الخليج. ومنها استحداث منهج عن قيم التسامح ونبذ التميير في المدارس بالإمارات وغيرها بعمان، ونحن نائمون في العسل، استيقظوا قبل أن تضيع البلد. وأنصتوا لما نقول ونكتب، فالكويت أمانة حافظوا عليها قبل فوات الأوان.
مشاركة :