لم أرَ في الكتاب السعوديين من توقَّف قليلاً عند مقتل العريف أول خالد محمد عبدالله الشحي والعريف أول فاهم سعيد أحمد الحبسي، من دولة الإمارات العربية الشقيقة، اللذين قضيا نحبهما على أرض اليمن، أثناء المعارك الدائرة بين القوات المتحالفة المشتركة وبين الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح، فأحببت أن أعلق هنا بما أرى أنه كان يجب أن يُقال عند هذه الواقعة. السعودية والإمارات، دولتان جارتان عربيتان مسلمتان، لكن بلا شك، هناك اختلاف في نمط الحياة المَعيشة في دولة الإمارات ونمط الحياة المَعيشة في السعودية، هناك اختلاف في الرؤية التي تحكم كل واحد من البلدين تجاه الحياة والسياسة والاقتصاد وشؤون كثيرة أخرى، هناك اختلاف في المناهج المتبعة لتحديد تلك الرؤية وتأطيرها. هذه الاختلافات موجودة وليس شرطاً أن تكون كل المجتمعات نسخاً من بعضها، ولا بأس أن نختلف في بعض التفاصيل، وكل مجتمع مسؤول عن خياراته، لكن ما لفت نظري في قضية شهيدَي الإمارات هو أنها تقدم دليلاً جديداً من سلسلة أدلة كثيرة تتوارد علينا بين فينة وأخرى، أن دولة الإمارات كانت دائماً وأبداً تقف في صف المملكة وتدعم قضاياها، مستشعرة بدورها أن تلك الشقيقة الكبرى ليست عدواً لأحد من أهل الخليج، بل إن هذه الشقيقة الكبرى تحمل على كتفيها مسؤولية كبيرة هي حماية أمن الخليج وأمن دُوَله الست التي أضيفت إليها دولة سابعة. وأن الشقيقة الكبرى في كل مرة ستكرر موقف الملك فهد بن عبدالعزيز أثناء احتلال نظام البعث الكويت، حين سمعناه وهو يقول: «إذا ذهبت الكويت، فلتذهب السعودية معها».. الدم الدم، والهدم الهدم.. هذا معناه باللغة المعاصرة أن المصير واحد، فإما حياة تسرُّ الصديق وإما مماتٌ يُغيظ العدا. منطق في غاية السهولة والوضوح والنبل. ولأجل هذا الإدراك والوعي السياسي العميق من قبل أهل الإمارات قيادة وشعباً لهذا الواقع، رأيناهم هم أول من هبَّ ليرمي بنفسه مع السعودية في نفس الخندق، عندما أعلن الملك سلمان بن عبدالعزيز عن عاصفة العزّة والكرامة، عاصفة الحزم، التي ستعيد لليمن السعيد ابتسامته وسعادته، خصوصاً أن الأحداث التي عصفت بنا خلال الأربع سنوات الأخيرة جعلتنا نتيقن من أصغرنا لأكبرنا أن اليمن حقاً هو عمقنا الاستراتيجي، وأننا لا يمكن أن نتخلى عنه بأي حال، وأنه بمجرد انتهاء الحرب، سيكون لليمن وضع خاص وليس ببعيد أن ينضم لمجلس التعاون الخليجي. في كل مرة، كان أهلنا وحلفاؤنا في الإمارات يكررون هذه المواقف الشجاعة التي ينبغي تصوُّرها وتقديرها كما تستحق. منذ تأسيس الإمارات، ومنذ دعم الشيخ زايد -رحمه الله- وتأييده للملك فيصل في موقفه البطولي التاريخي عندما أوقف تصدير النفط في 1973 والمواقف نفسها، وها هي الإمارات اليوم تقدم قبل كل الناس الشهداء الإماراتيين إلى جوار إخوانهم الشهداء السعوديين في معركة الكرامة على أرض اليمن. هذه الدلالة ينبغي ألا تغيب عن ذاكرتنا.
مشاركة :