تفاجأت بموته، أو حضرت دفنه، أو رافقته في زياراته مريضا، فاليوم عدت للمنزل صامتا وقد اعتلاك الحزن من مخمص القدم حتى قمة الرأس، وجلست بين أسرتك واصدقائك متجهما، كل من حولك يواسيك ظنا أنك فقط متأثرا بحزن من فقدته من الأصدقاء أو الرؤساء أو الزملاء أو الصاحب في السفر . ويعرف القريب منك ما تفكر به لمعرفته كيف كانت العلاقة وماذا انطوى عليه السلوك والتصرف الذي كان يجمع الحيّ في يومه والذي انتقل لرحمة الله. فهناك علاقات دنيوية يطمئن بها من فقد صديقه بإتزان الحياة بينهما عندما كانت الايام تجمعهما ، وهناك علاقات وسلوكيات يستحضرها الحي في مساحة الزمن الذي مضى بهما في الحل والترحال وعليك الحساب مع نفسك فأنت مازلت حيا. أجمل الصداقات أن تفتكر من فقدته بدعوات دائمه وصدقة مهما كانت بسيطة لكن ماذا عنك وانت مازلت حيا وقد مضى من تحب ولن يعود للحياة. إنها الأعمال الباقية لك مادام النفَسُ في صدرك مستمرا، وتلك هي العبرة في محاسبة الذات في إمتلاء جعبتك مما تبقى لك في الحياة الغير محددة متى نصير لما صار له الذين مضوا. لا يأخذك فقدان من تحب إلى إستقبال الإكتئاب والتفكير والعزله، بل اجعلها يقينا في إتزان حياتك، والوسطية في يومك وكأنك تخزّن الزاد لحياة أبدية قادمة، فالعزلة بسبب فقدان عزيز تسبب لك الإكتئاب والخوف أن يتطور الأمر لحالة نفسية يعقبها حالة مرضية جسدية انت المتسبب بها لأنك ألقيت نفسك بالتهلكة لحزن اعتراك وتمكّن منك حتى أصبحت تحت رحمته. ويذكرني الموقف بصديق مع صديقه، لا يفترقان في الدوام وبعد العمل إلا في المساء، وكانت صداقتهما راضية مرضية في وسطية الأعمال، ومات أحدهما، ولكن الآخر من الأحياء عاش حياة كئيبة لمدة سنوات، ثم ظن أنه حاله استقام فأصبح يمارس حياة التصوف الذي صنع شرخا في حياته الأسرية، ومضى متصوفا وحيدا فقدَ ملذات بعض الحلال في إنطوائه على نفسه. وكم من صداقات مضى طرفها ولكن ذكريات مؤلمة تلاحق الحي أينما انفرد بنفسه وفي مواقع التقى بها الطرفان، وكانت الذكريات غير مرضية لما كان ، فلا زالت لديك فرصة الحياة فقط لا تنسى الدعوات لمن كان يسامرك وانتهت به الحياة، فأعطه من حياتك وعسى الله ينفعه بك حتى يكون اللقاء برضا الله، وابدأ دون أن تنتظر من ينقذك وانت تستطيع أن تسعد نفسك بالرضا. بقلم أ. طلال عبد المحسن النزهة
مشاركة :