مجتمعنا ضحية نفسه أم الآخرين؟!

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سلوك بعض الشباب في المواقع العامة يحتاج إلى إعادة نظر في ظل انتقال الفكرة الثقافية بسرعة البرق عبر قارات ومجتمعات العالم، فحين تبرز حالة تفاعلية لمظهر سلوكي سلبي في شوارعنا أو طرقاتنا يمكن أن تجد لها منفذا أثيريا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتقدمنا بأحد أسوأ الأشكال التي نستهلك وقتا كبيرا في تقديم دفوعات عنها ونفي أن تكون تلك سمة من سماتنا الاجتماعية. استعرض واقعتين تتعلقان بالعمالة الأجنبية، أولاهما ما تم تداوله لقيام عدد من الشباب بمحاولة للمزاح الثقيل مع بعض العمال الوافدين عبر مهاجمتهم بالألعاب النارية بأحد أحياء الرياض، وكما في خبر صحفي فقد أظهر مقطع مصور تداوله مغردون على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» استقلال شبان لسيارة وإطلاق الألعاب النارية بالهواء فيما قيل إنه شارع الثلاثين بحي النظيم بالرياض قبل أن يروا عددا من العمال الوافدين فأطلقوا عليهم الألعاب النارية وهو يصيحون «الله أكبر»، ما أثار ذعر العمال واضطرهم للفرار. العالم خارج حدودنا ليس مضطرا لقبول مزاح ثقيل أو خفة دم مفتعلة، وذلك قد يجعله يسيء الفهم، خاصة وأن ما حدث ينطوي على فكرة تتماس مع مبدأ العنف في سلوكياتنا، فما أصاب أولئك العمالة من ذعر، ولا نريد القول إرهاب، فيما كانوا يجلسون مطمئنين وظهر عليهم هؤلاء الشباب على حين غرة ويفاجئونهم بإلقاء ألعاب نارية في وقت «عالمي» يتركز فيه الانتباه لمجرد انفجار إطار سيارة، فما تراهم يحسبون؟ إذا كنا متهمين بأننا في مجتمعاتنا العربية مصدر لتطرف وإرهاب، فهل يصل بنا الحال أن نمازح بشكل عنيف يفسر النزعة الإرهابية التي توجد أصلا في المخيلة الغربية وما زلنا لم نستكمل رد هذه الاتهامات في العقل الدولي؟!! الأمر الثاني يتعلق بتجاهل القرارات الحكومية بمنع عمل الأجانب في المهن الشاقة خلال فترة الظهيرة، ولذلك أبعاده الإنسانية التي تتابعها منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات الحقوقية، وتجاهل ذلك يعني أننا لا نكترث للجانب الإنساني وتهمنا مصالحنا على حساب إنسانيتنا، وكما في الحالة الأولى التي وجدت صدى تفاعليا، انتشر أيضا مقطع مصور تم تداوله لعامل نظافة ظهر ملقى على الأرض، في مدينة جدة، ويحاول زملاؤه إفاقته من حالة إغماء أصابته قيل إنها نتيجة العمل تحت أشعة الشمس المحرقة. بذلك نصبح ضحية أنفسنا وأعمالنا غير المحسوبة على صعد ليس فيها مزاح، فالآخرون يتعاملون معها بشكل جدّي مما يسمح بتشكيل صورة ذهنية قاتمة عن واقعنا وفكرنا وسلوكياتنا، ما يتطلب مراجعات تتمتع بالحسم لأي مظاهر سلبية تضعنا موضع الاتهام والشبهات غير الإنسانية.

مشاركة :