بما أنّ الصعود وارتقاء الشيء أشقّ من نزوله، فها هي الكويت ما لبثت أن ترتقي سلم النهوض بصعوبة حتى بدأت تتراجع بسهولة، فجأة جمدت الأوضاع فيها وأخذت تتدحرج إلى القاع بسلاسة! ما سأكتبه اليوم يشخّص جزءاً صغيراً مهمّاً لم يحظَ بإدراكٍ كافٍ لأسباب متعددة. الكويت تشكو حاجتها لأشخاص يفقهون المعنى العميق لتحمّل المسؤولية، يدركون بأنه ثمّة علاقة طردية بين تقدم الإنسان واتساع دائرة مسؤولياته، بزيادة الأولى تزيد الثانية تباعاً، فاعتلاء منصب كبير يفضي إلى مسؤولية أكبر. لنقف سريعاً على مفهوم الشعور بالمسؤولية، وهو برأيي مفهوم ينحو منحيين أحدهما فكري والآخر شعوري، وكما أن الشعور يحرّك السلوك فالفكرة تكوّن الشعور، فأي سلوك هو بالنهاية انعكاس لشعور ما، الذي هو بدوره امتداد لفكرة ما، هي هكذا مترابطة متسلسلة، تسلّم الواحدة منها للأخرى باتساق منطقي معروف، وخلاصة القول إن الشعور بالمسؤولية هو إلزام الفرد نفسه بإنجاز عمل أو اتخاذ موقف ومن ثم القدرة على الوفاء بذلك الالتزام ببذل مجهودات في سبيل تحقيق ذلك، أقول إلزاماً لأن انسجام السلوك مع المشاعر لا يتم تلقائياً والشعور بالمسؤولية لا يعني تحملها، وبديهياً لا فائدة من شعور لا يفضي بك إلى عمل، إن كل ما يحتاجه الأمر هو إرادة صلبة نقيّة خالصة، ومجاهَدة. كتبت ما كتبت في حين كنت أعيش بخيالي كويتاً أخرى، كان فيها كل (راعٍ مسؤول عن رعيّته)، ما أجملها! وحين أعدت قراءة ما كتبت حمّلت نفسي مسؤولية أنْ أقدّم لك هذه النصيحة، عوّد نفسك يا قارئ على قراءة الشيء بشمولية أكبر، تنطلق مما انطلق منه الكاتب ثم تتفرع أنت بمهاراتك الاستنتاجية، الاستنباطية، والاستقرائية الناقدة لتحقق أقصى فائدة من قراءاتك، وبما أن المسؤولية في الإسلام تطول الجميع فما كُتِب لا يخص أوضاع الكويت فقط، بل حياتك كلها وحتى نفسك فـ (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته). a.a.h.alawadhi85@gmail.com Twitter: @3ysha_85
مشاركة :