تمكنت صادرات زيت الزيتون التونسي من تجاوز عقبات كورونا بعد نجاحها في الحفاظ على الأسواق التقليدية وإنقاذ الصادرات الزراعية رغم أن الحصيلة أقل من الموسم الماضي. لكن النتائج الحالية تعتبر حسب خبراء جيدة بالنظر إلى قلة هوامش التسويق ما يمنح الاقتصاد المنهك بعض الآمال في ظل ركود مختلف الأنشطة الاقتصادية. تونس - حافظ زيت الزيتون التونسي على قيمته التصديرية وأنقذ صادرات القطاع الزرعي بأكمله الذي يشكو نقائص كبيرة وذلك في ظرفية صعبة جراء كورونا ما مكن من تحقيق عوائد مهمة رغم إشكاليات قلة فرص التسويق والنقائض التي يعانيها القطاع. ويمر قطاع زيت الزيتون التونسي بصعوبات كبيرة من بينها قلة فرص التسويق حيث يعد الاتحاد الأوروبي المستورد الرئيسي، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة اقتحام أسواق جديدة خصوصا مع منافسة أسواق أوروبية أخرى على غرار إسبانيا وإيطاليا. وقال المدير المركزي لإحصائيات الظرف الاقتصادي بالمعهد الوطني للإحصاء إلياس العاصمي، في تصريحات صحافية إنّه “بسبب الانهيار والركود الاقتصادي وغلق عدّة مؤسسات نتيجة جائحة كورونا ورغم التحسن الطفيف مؤخرا، فقد تم تسجيل تراجع في صادرات كلّ القطاعات تقريبا وخاصة منها الصناعية”. وأشار العاصمي إلى أنّ المؤشرات المسجلة على مستوى المنتجات الزراعية تعتبر إيجابية، حيث تم تسجيل تحسن بـ14 في المئة وذلك بفضل تصدير مادة زيت الزيتون بقيمة 2125 مليون دينار مقابل 1200 مليون دينار فقط في الفترة نفسها من السنة الماضية. وشكلت وفرة الإنتاج أزمة حقيقية في القطاع، وتمتد أشجار الزيتون على مساحة 1.9 مليون هكتار، مما يمثل أكثر من ثلث الأراضي الزراعية. واحتلت تونس المرتبة الأولى عالميا في تصدير زيت الزيتون خارج الاتحاد الأوروبي وذلك على مستوى الحجم في موسم 2020/2019. وقدر الإنتاج هذا العام بـ140 ألف طن وفق ما أعلنه المدير العام للديوان الوطني للزيت شكري بيوض، في تصريح إعلامي، وأوضح أن الموسم الماضي 2019/2020 يعتبر قياسيا حيث بلغ فيه الإنتاج 400 ألف طن من زيت الزيتون. ووقع تصدير ما لا يقل عن 300 ألف طن منه بقيمة ناهزت 1800 مليون دينار، حيث صدرت تونس 280 ألف طن من زيت الزيتون السائل وحوالي 20 ألف طن من الزيت المعلب. وبينت أرقام نشرها الديوان الوطني للزيت على موقعه الإلكتروني أن 80 في المئة من جملة صادرات زيت الزيتون توجهت نحو السوق الأوروبية. وكشف مدير الديوان شكري بيوض أن الحكومة ووزارة الفلاحة تعملان على اتخاذ إجراءات جديدة لفائدة منظومة زيت الزيتون تتمثل في بعث صندوق لتنمية صادرات زيت الزيتون المعلب وتغيير السياسة الترويجية في الأسواق العالمية إلى جانب التشجيع على الغرس. وفي وقت سابق تمكن المزارعون في تونس من غرس 80 ألف هكتار من أشجار الزيتون بين سنتي 2016 و2020 بما يعادل 8 ملايين شجرة زيتون. وعلى الرغم من وفرة الإنتاج إلا أن قطاع زيت الزيتون يمر بعدة صعوبات رافقت الصابة القياسية للإنتاج على مستوى الترويج وتدني الأسعار في الأسواق العالمية من خلال الإجراءات الاستثنائية. وأفاد كاتب عام الجامعة الوطنية لمنتجي الزياتين باتحاد الفلاحة محمد النصراوي، “أن مشاكل القطاع تتمثل في صعوبات التسويق من موسم إلى آخر باعتبار أن الموسم الماضي بلغ فيه الإنتاج أكثر من 400 ألف طن في حين بلغ هذا الموسم 140 ألف طن، وهو ما يحول دون المحافظة على نفس الحرفاء وارتباطه أساسا بالسوق الأوروبية”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “الديوان الوطني للزيت أصبح دوره عاديا، باعتبار دخول الخواص منذ سنة 1995، وهو ما يجعل هذه المؤسسة الوطنية (ديوان الزيت) في تراجع مستمر للعب دورها التعديلي”. وأشار النصراوي إلى “أنه يفترض أن لا توضع كمية 400 ألف طن كلها للتصدير حتى لا يحدث انهيار للأسعار، مع تعديل السوق وترك كمية كمخزون استراتيجي، ومن غير المعقول أن يتم تصدير 300 ألف طن في موسم، ثم 100 ألف طن في الموسم الموالي”. ورغم تداعيات الأزمة الصحية العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد – 19، حققت تونس نتائج مهمة وحافظت على صادارتها في السوق العالمية. وأفاد عضو النقابة التونسية للفلاحين عمر سلامة في تصريح لـ”العرب”، “أن التصدير مرتبط بالإنتاج المتباين بين موسم وآخر، والمنظومة الفلاحية ككل تشهد عدة مشاكل أهمها كلفة الإنتاج واليد العاملة، مقابل سعر البيع الذي يثقل كاهل الفلاح الذي لا يملك القدرة على مجابهة هذه الصعوبات”. 14 في المئة نسبة تحسن إجمالي الصادرات الزراعية خلال العام الجاري بفضل زيت الزيتون وأشار سلامة إلى “غياب التعاضديات التي تهتم بعمليات الإنتاج والبيع، ما جعل الدولة الموسم الفارط تتدخل لتخزين الزيت، وهذا يتطلب البحث عن آليات للتخزين”. ودعا رئيس جمعية مهرجان الزيتونة فوزي الزياني إلى خلق آليات جديدة لترويج زيت الزيتون بطريقة مبتكرة والسعي إلى الانفتاح على أسواق جديدة على غرار الأسواق الأفريقية وعدم الاتكاء على الاتحاد الأوروبي. وشدد الزياني في تصريحات لوسائل إعلام محلية على أهمية مواكبة التقنيات الجديدة من أجل تسويق وترويج هذا المنتج وبيعه معلبا حسب تعبيره. ويسعى الفلاحون ومنتجو زيت الزيتون هذا العام إلى إنجاح الموسم والانتهاء من عملية جني ثمار الزيتون وسط ظروف صحية صعبة، تبعا لانتشار فايروس كورونا الذي حتّم مغادرة اليد العاملة خصوصا من النساء وكبار السن. ويوجد في تونس ما يزيد عن 160 صنفا من زيت الزيتون وفق نتائج مسح أجراه معهد الزيتونة وهي أصناف متنوعة من حيث الخصائص المذاقية ومن أبرزها “الشتوي” ويتركز في شمال البلاد ويتميز بمذاق ثمري حاد وذي مرارة بينما تكون المرارة معتدلة بالنسبة للزيت المستخرج من الزيتون صنف “الوسلاتي” المنتشر خصوصا في محافظات القيروان وفي صفاقس ومناطق الساحل أما في الجنوب فتكثر غابات الزيتون صنف “الشملالي” ويتميز بمذاقه الثمري المتوسط وقليل المرارة. وتتحصل تونس سنويا على جوائز وشهادات عالمية تؤكد الجودة العالية لزيت الزيتون وفي 2020 تحصلت على 26 ميدالية في مسابقة لوس أنجلس الدولية لزيت الزيتون البكر الممتاز. وتعد مسابقة لوس أنجلس الدولية لزيت الزيتون البكر الممتاز، أهم مسابقة في الولايات المتحدة الأميركية لهذا المنتج. وطالبت الغرفة الوطنية لمصدري زيت الزيتون السلطات والاتحاد الاوروبي بالترفيع في حصة تونس من صادرات زيت الزيتون نحو الاتحاد الأوروبي إلى 100 ألف طن مقابل 56 ألف طن. ويشار إلى أن 90 في المئة من إنتاج زيت الزيتون موجه للتصدير نحو 54 سوقا وأن أكثر من 80 في المئة من صادرات زيت الزيتون المعلب يقع توجيهها إلى خارج أوروبا مقابل 71 في المئة من زيت الزيتون السائب يقع تصديره إلى الاتحاد الأوروبي وأكثر من 4 في المئة من ميزانية تونس لسنة 2020 متأتية من صادرات زيت الزيتون.
مشاركة :