هل يصدر ترامب «عفواً رئاسياً» عن نفسه وأسرته؟!

  • 12/25/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عاصفة من الغضب تجتاح الساحة السياسية والإعلامية الأميركية، جراء قرارات العفو التي يواصل الرئيس دونالد ترامب إصدارها قبيل مغادرته الوشيكة للبيت الأبيض، والتي شمل أحدثها عددا من المقربين منه، بمن فيهم معاونون سابقون له ووالد صهره ومستشاره جاريد كوشنر. واعتبر محللون أن هذه الموجة من القرارات وطبيعة الشخصيات التي شملتها تفسد آلية العفو التي يحظى رؤساء الولايات المتحدة بالحق في استخدامها بموجب الدستور، خاصة في ظل توقعات بإمكانية أن يقرر ترامب في نهاية المطاف العفو عن نفسه، رغم ما سيثيره ذلك من جدل دستوري ومشكلات قانونية، نظرا لأنه سيشكل في هذه الحالة، سابقة لا نظير لها في تاريخ البلاد. وتضمنت قرارات العفو الأخيرة، التي شملت 46 شخصا على الأقل خلال أيام، أسماء «لم يكن يجدر بأي رئيس إدراجها على قائمته للعفو، وذلك وفق المحللين الذين قالوا «إن الصفح عن هؤلاء جاء في وقت تجاهل فيه ترامب عشرات الآلاف من الأشخاص، الذين يستحقون الرحمة بالفعل». واستنكرت صحيفة «نيويورك تايمز» استهزاء الرئيس الجمهوري بآلية العفو الرئاسي، لافتة إلى أشخاص مثل رئيس الحملة الانتخابية في 2016 بول مانافورت، ومستشاره السابق روجر ستون، وهما شخصيتان متورطتان بالتحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية. وكان مانافورت يمضي عقوبة بالسجن سبع سنوات ونصف السنة بسبب عمليات احتيال تم الكشف عنها في إطار تحقيق المدعي العام روبرت مولر الذي استمر سنتين حول تواطؤ محتمل بين روسيا وفريق ترامب. وقد وضع في الإقامة الجبرية في مايو الماضي. وقال النائب الديمقراطي آدم شيف الذي يرأس لجنة الاستخبارات في المجلس: «خلال تحقيق مولر، طرح محامي ترامب العفو على مانافورت. سحب مانافورت تعاونه مع المدعين، كذب، وأدين ثم امتدحه ترامب»، معتبرا أن «عفو ترامب يكمل الآن مخطط الفساد». وخفف ترامب في وقت سابق عقوبة السجن الصادرة بحقّ صديقه ستون الذي كان حُكم عليه بالسجن لمدة 40 شهراً في إطار التحقيق حول تدخّل روسيا في الانتخابات. وستون مدان بسبع تهم بينها عرقلة سير العدالة والإدلاء بشهادات زور والتلاعب بشهود. وضمت لائحة العفو التي نشرتها السلطة التنفيذية الأميركية أيضا والد جاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره. وحُكم على تشارلز كوشنر في 2004 بالسجن لمدة عامين بتهمة التهرب الضريبي. وانتقد ديفيد أكسلرود المستشار السابق لباراك أوباما «هذا الاستعراض المثير للاشمئزاز دائما. ولم ينته بعد!». واستفاد من القرارات أربعة عملاء سابقين لشركة الأمن الخاصة بلاكووتر أدينوا بقتل 14 مدنيا عراقيا في 2007 في بغداد في مجزرة أثارت غضبا عالميا. وقال البيت الأبيض إن الرجال الأربعة وكلهم جنود سابقون، لهم تاريخ طويل في خدمة الأمة. وقالت السناتورة الديمقراطية السابقة كلير مكاسكيل التي كانت عضوا في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ»كل هذا يثير الاشمئزاز«، وأضافت أن»هذا العفو إهانة لا يمكن وصفها لجيشنا«. واعتبرت«نيويورك تايمز» قرارات العفو إساءة استخدام واضحة للسلطات الرئاسية، حتى وإن كانت الأرقام تشير إلى أن ترامب، ليس من بين أكثر رؤساء الولايات المتحدة الذين أصدروا قرارات من هذا النوع، ودعت الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن، إلى إعادة الاعتبار لـ«آلية العفو الرئاسي» لتصبح أكثر فاعلية، وتمكينها من أن تلعب الدور المنشود منها كثقل يوازن أي محاكمات جائرة أو عقوبات مفرطة محتملة، وهو ما يستوجب جعل العملية برمتها، خاضعة للمراجعة من جانب خبراء قانونيين وممثلي ادعاء، حتى وإن كان القرار الفصل سيظل في يد رئيس الولايات المتحدة وحده. لافتة إلى أنه قد يفيد في هذا الصدد، تشكيل مجلس أو لجنة تتواصل بشكل مباشر مع الرئيس، وتضم أعضاء يمثلون التوجهات السياسية المختلفة في الولايات المتحدة، والمناطق الجغرافية الرئيسة، وكذلك الأعراق المتنوعة، بجانب وضع معايير واضحة للنظر في الالتماسات المُقدمة من طالبي العفو، في وقت مبكر من الولاية الرئاسية، بدلا من الانتظار إلى الأسابيع الأخيرة من فترة الحكم. وذكرت الصحف الأميركية أن ترامب يفكر أيضا في منح عفو وقائي لأبنائه ولجاريد كوشنر ومحاميه الشخصي رودي جولياني، قبل أن يغادر البيت الأبيض في يناير. وأضافت أن ترامب يدرك أيضا إمكانية إصدار عفو عن نفسه عن الجرائم التي قد يُحاكم عليها بسبب ولايته. وفي 2018، قال«إن لديه الحق المطلق في اتخاذ هذا الإجراء، والذي سيكون سابقة». من جانبها، أبرزت صحيفة«الجارديان»البريطانية اتفاق الكثير من المراقبين، على أن الفترة المتبقية حتى موعد تنصيب بايدن في العشرين من الشهر المقبل، ستشهد المزيد من هذه القرارات الجدلية، بما في ذلك ربما خطوات يتخذها ترامب لحماية نفسه وأسرته من أي ملاحقات قضائية محتملة، بعد خروجه من البيت الأبيض. وحذرت من أن قرارات العفو الأخيرة التي أصدرها ترامب وأثارت الاشمئزاز في الداخل والخارج، ربما لا تكون سوى بداية طوفان من هذه القرارات. ونقلت عن أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية بواشنطن آلان ليكمان قوله إن ما يفعله الرئيس الجمهوري في هذا الصدد يقوض الكثير من التقاليد الأميركية، بالنظر إلى أن نحو 90% من قرارات العفو التي صدرت عنه، كانت ل «أشخاص بوسعهم القول، إن لديهم علاقات شخصية معه، أو أن بمقدورهم تحقيق مكاسب سياسية له».

مشاركة :