تكشف الوثيقة الدستورية الإيرانية التي تم إقرارها بعد ثورة الملالي العام 1979م، عن أن سياسة التمدد في المنطقة والسيطرة على مصائر الشعوب تستند إلى مرجعية دستورية تحت عنوان (الجيش العقائدي). وبمقتضى هذه المرجعية، أعطى النظام الإيراني لنفسه الحقّ في الدفاع عن الإنسان في المجتمعات البشرية عموماً، والمجتمعات الإسلامية خصوصاً، وذلك عبر دعمه لنضالها الذي هو بدوره يمنحه ترخيصاً للتدخل في شؤون العالم المختلفة بحجة الدفاع عن المستضعفين، بينما المعيار الموضوعي من تدخله هو خدمة الحلم الفارسي الذي يؤكده واقع راهن لا يستطيع نظام طهران إنكاره. لهذا الكثير من الشعوب قد خُدعت في شعارات طهران البراقة بشأن مناصرة المظلومين وعون المحتاجين ودعم الضعفاء، إخفاءً لأهدافها الحقيقية تحت شعارات جوفاء، إلاّ أنّ من تم خداعه قد استفاق بعدما انكشف الوجه الحقيقي القبيح للسياسة الإيرانية وتدخلاتها في شؤون الدول، لا سيما من خلال بعثاتها الدبلوماسية التي أضحت وكراً للإرهاب والتجسس وتجنيد العملاء، بدلاً من أن تكون مقراً للتعاون والتقارب بين الدول والشعوب، وهذه ليست ادعاءات على نظام طهران، بل تؤكدها الكثير من الوقائع والدلائل التي وردت في تقارير مسؤولين أمنيين عالميين ومنظمات دولية عن حجم الدور التخريبي الذي تقوم به سفارات إيران حول العالم، والتي ما هي إلا أوكار ومقرات للتجسس والتنصت على مؤسسات الدول وأجهزتها، ودعم الإرهاب بهدف خلق الفتن الطائفية والمذهبية والقومية والدينية مما يهدد أمن الدول واستقرارها، وفقاً لأولويات أجندتها التي رسمها مرشدها الأعلى علي خامنئي وحرسه الثوري. لذلك المتابع للسياسة الإيرانية يقرّ بما لا يدع مجالاً للشك بدورها النافذ في كثير من المخاطر التي تتعرض لها دول العالم وشعوبها منذ اليوم الأول لثورة الملالي، ومن الأهمية بمكان على الدول كافة النظر بعين فاحصة ونظرة ثاقبة للبعثات الدبلوماسية الإيرانية التي بدلاً من أن تقوم بواجبها وفقاً لقواعد القانون الدولي المنصوص عليها في معاهدات فيينا، نجد أنّها تحوّلت إلى أذرع مخابراتية وثكنات تجسسية تستهدف تجنيد العملاء وصناعة المتفجرات وإثارة الصراعات والفتن.
مشاركة :