بالتأكيد الوضع الحالي للجامعات المصرية ، وربما في الجامعات العربية ايضا ، لا يستطيع تلبية متطلبات التنمية المجتمعية في بلادنا ، وربما يمثل عبئا ثقيلا بمتطلباته علي الموازنات المالية للدول العربية ومن بينها مصر، وبالرغم من دور التعليم الجامعي في مجتمعاتنا ، فقد يعتبر في بعض الدول بأنه يقوم بدوره الفعال في صناعة حضاراتها وحماية الأمن القومي لها !ولكن واقع التعليم الجامعي في بلادنا يمكن اختصاره في عدد من الملاحظات، أبرزها غياب السياسات وعدم وضوح الرؤية وضعف الاستقلال وضعف التمويل وقلة الانفاق بصفة عامة ، فضلا عن عدم الجاهزية التامة للمختبرات وقاعات الدرس والمحاضرات بالإضافة إلي عدم مواءمة مخرجاتها بدرجة كافية مع متطلبات التنمية والتطوير ، وغياب العمل بآليات إدارة التميز والجودة الشاملة الا في بعض المؤسسات التعليم العالي!ومن المتعارف عليه في أدبيات التنمية أن الارتفاع بمعدلات إتاحة التعليم الجامعي الجيد ، وزيادة الطاقة الاستيعابية لمؤسساته والارتفاع بمستويات جودة خريجيها ، قد يساهم في تحسين المناخ الاقتصادي وتحقيق مستويات مرتفعة من الإنتاجية والنمو الاقتصادي وتعزيز المستوي الاجتماعي للمواطن ورفاهيته.كما تؤكد معظم مؤشرات التنمية الدولية ، الارتباط المباشر بين نجاح الدول في تحقيق أداء اقتصادي واجتماعي متميز وبين ما أنجزته من تقدم في مجالات التعليم والبحث العلمي والتنمية التكنولوجية. كما يمثل العائد الاقتصادي المتوقع من التعليم العالي أحد أهم العوامل المؤثرة في معدلات الالتحاق به، كما أن ارتفاع العائد الاقتصادي للتعليم الجامعي قد يسهم في زيادة كفاءة عناصر الإنتاج وتنامي حجم الاستثمارات ومن ثم تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتعزيز مسار التنمية بوجه عام !وإذا نظرنا من ناحية أخرى إلى حجم إنفاق الدول العربية علي التعليم الجامعي والبحث العلمي فسنجد نسبة متدينة للغاية بالمقارنة بكل مناطق العالم ، وهو ما يتطلب بالضرورة إعادة تخصيص موارد مالية إضافية لدعم جهود التعليم والبحث والتطوير!كما تعد مناطق العالم التي حققت تقدما علميا وتكنولوجيا ملموسا وتحولت سريعا الي اقتصاد المعرفة ، الأكثر إنفاقا وتخصيصا للموارد المالية على أنشطة التعليم والبحث والتطوير، حيث تمثل نسبة السكان الذين يحملون درجة جامعية مؤشرا مهما في دفع عملية التنمية الاقتصادية ،فقد بلغت نسبة الشباب في مصر حوالي ٦٠% من تعداد السكان في بلدنا. كما أن التنافس المستقبلي والحالي بين دول العالم لن يكون فقط في مجال الثروات المادية والطبيعية أو في مجال القوة العسكرية وإنما في مجال ثروة العقول البشرية وقدرتها علي الابتكار والإبداع.. والتعليم الجامعي هو أهم الخطوات لتحقيق ذلك !
مشاركة :