نزل من سيارتِه بسرعةٍ بشعره المجعد الأسود المنكوشِ ولحيته الطّويلةِ الكثيفةِ، وكان يحمل في يده كيسَ مشمشٍ حلوٍ، فاكهته الصّيفية المفضلة. ومن دون أن يأبهَ للماء المنسابِ من خزّان سطح البناية منذ أكثر من سنتين مرورًا بالدّرجِ ووصولًا إلى المدخل فالشّارعِ، بسبب تعطل (موتور) الماءِ، ومن غير أن يأبه إلى أكياس التّشيبس الفارغة وأوراق البسكويت بالشُّوكولا المزروعة منذ أسبوع في المدخلِ، ومن غير أن ينتبه للجرذ الكبير الذي ما إن رآه حتى اختبأ في غرفة الكهرباء الموجودة في المدخل، صعدَ بفرحٍ إلى بيته ليستغلَّ فرصة غيابِ زوجته وأطفاله، ويدوس حوالي عشر خطواتٍ من الطّين نحو صديقِه البيانو الأبيضِ الذي اشتراهُ بسعرٍ “لَقْطَة” قُبَيْل حَجْر الكورونا، أي قبيل أن يعطي محاضراته الجامعية (On line)، وراح بسعادةٍ يعزفُ كالعادة: بيتهوفن.
مشاركة :