كيف يعرقل الفساد عجلة الاقتصاد؟

  • 12/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشير أغلب الدراسات الى أن الفساد يساهم مساهمة كبيرة في إبطاء وتراجع معدلات النمو الاقتصادي من خلال قنوات عدة، فالفساد يقلل من تراكم مخزون راس المال الذي يشكل العامل الرئيسي في عملية الانتاج عن طريق انخفاض التدفقات الاستثمارية مثلاً، حيث تشكل كلفة الفساد (من دفع الرشاوي على سبيل المثال) تكلفة إضافية تزيد من كلف الاستثمار وتقلل من مردوده، ھذا یعني أن المستثمر ینظر إلى الفساد كنوع من الضریبة الإضافیة على أرباحه التي تضاعف من مخاطر الاستثمار مما یؤدي في النھایة الى تقلیل حجم الاستثمار المرغوب فیه. كما يعمل الفساد على تشويه ھیكل الإنفاق الحكومي، فقد یلجأ المسؤولون الحكوميون الفاسدون إلى توجیه الموارد والإنفاق الحكومي نحو نشاطات غیر منتجة وبكلفة اقتصادية أعلى وأولوية أقل، ولكنھا تسھل علیھم الحصول على مكاسب أكبر، بدلا من توجیھھا نحو النشاطات الإنتاجیة المفیدة. وعليه يؤثر الفساد على الكفاءة الاقتصادية التي تضمن الاستخدام الامثل والكفؤ للموارد الاقتصادية، عن طريق تبديد وإهدار تلك الموارد من خلال سوء إستخدامها وتشغيلها.بالنسبة لأثر الفساد على الدول النامية، فمعظم الدراسات تشير الى أن تأثيره على اقتصاديات الدول النامية أكبر منه على الدول المتقدمة، نظراً لتمتع الدول المتدمة بمنظومة تشريعية ومؤسسية تعزز الجانب الوقائي من الفساد وتقلل من فرص وقوعه. كما أن الفساد يبدو أكثر عمقاً في الدول النامية لأنه يزيد من نسب الفقر والبطالة المرتفعة أصلة في تلك الدول. بالنظر الى آخر مسوحات لمنظمة الشفافية الدولية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سنجد أن هناك شخص من بين 3 أشخاص قد دفع رشوة (أي ما يقارب 140 مليون مواطن عربي) للحصول على خدمة عامة!حتى تتمكن الدول كافة من تقليل كلف الفساد وبالذات اقتصادياً، عليها إبتداءً تحديد أشكال أو أنماط الفساد المنتشر في مجتمعاتها ومن ثم تقدير حجم الأثر المترتب لكل شكل من هذه الأشكال على المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل: معدلات النمو الاقتصادية، نصيب الفرد من الناتج المحلي، حجم الاستثمارات وغيرما من المتغيرات. فعلى سبيل المثال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشير إحدى الدراسات التطبيقية أن خفض "استغلال الوظيفة العامة لغايات المصلحة الخاصة" بمقدار 1% (مقاساً بمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية)، سيعمل على زيادة حصة الفرد من الناتج المحلي بمقدار 2.84 نقطة بالمئة. هذه النسبة تعادل زيادة مقدارها 87 دينار أردني تقريباً من حصة الفرد من الناتج المحلي في الاردن! كما تظهر الدراسة أن إنخفاض "قيمة الرشاوي في القطاع العام" بمقدار 1% (مقاس أيضاً بمؤشر مدركات الفساد) سيعمل على زيادة حصة الفرد من الناتج الاجمالي بمقدار 1.48 نقطة بالمئة، أي ما يعادل زيادة مقادرها 45دينار أردني تقريبا لحصة الفرد الاردني من الناتج المحلي.إن الحديث عن الاثار الاقتصادية لظاهرة الفساد بشكل عام سيبقى حديثاً عاماً إذا لم نتمكن من تحديد أشكال وأنماط الفساد المنتشرة في المجتمع وأثرها على المتغيرات الاقتصادية الاساسية، كل ذلك سيؤدي الى تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي المصحوبة باختلالات هيكلية في الاقتصاد سترفع من الكلف الاجتماعیة وستزيد من نسب الفقر والبطالة وحالة عدم العدالة بتوزیع الدخول!

مشاركة :